سنة ٥٨٠ هـ/١١٨٤ م. وفى عهده ثار عليه بنو غانيّة ولاة المرابطين فى جزيرة ميورقة، ونزل منهم على وأخوه فى الجزائر والإقليم التونسى يحاولان أن يقيما فيهما دولة لمقاومة دولة الموحدين بالمغرب الأقصى ويعدا جيشا لحربهم. وأحدث على قلاقل كثيرة فى الساحل الجزائرى بين بجاية ومليانة وكذلك فى الساحل التونسى، فخرج إليه يعقوب بجيش جرار سنة ٥٨٣ وظل طوال مسيرته إليه فى بلدان الجزائر وتونس يبنى المساجد كما يبنى المستشفيات، وعلى بن غانية يفر أمامه إلى أن لقى مصرعه، وعاد يعقوب إلى عاصمته. وخلف على فى شغبه على الموحدين أخوه يحيى وظل يستعين بالعصابات الهلالية، ومرة ينتصر ومرة ينهزم حتى توفى فى برية تلمسان سنة ٦٣١.
(ب) الدولة (١) الحفصية بتونس
فى هذه الأثناء قامت الدولة الحفصية، وكان مؤسسها أبو زكريا بن عبد الواحد بن يحيى بن أبى حفص واليا للموحدين على إفريقية التونسية، واستطاع أن يخضع الجزائر، أو بعبارة أدق أن يضمها إلى ولايته، إذ كانت دولة الموحدين قد ضعفت ضعفا شديدا، فاستقام له حكم البلدين حكما رشيدا يقوم على نشر العدل والأمن فى البلاد، وحين نشأت الدولة المرينية ظلت تعلن البيعة والولاء له حتى وفاته سنة ٦٤٧ هـ/١٢٥٨ م وكذلك لابنه محمد، وكان التتار قد قضوا على الخلافة العباسية فى بغداد سنة ٦٥٦ هـ/١٢٥٨ م وأصبح المسلمون بدون خلافة، فانتسب إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وعمل بعض أتباعه على أن تبايعه مكة بالخلافة وبايعته، وتسمى باسم أمير المؤمنين وتلقب بلقب المستنصر بالله، وكان عهده فى الجزائر شرقا وغربا-كعهد أبيه-عهد رخاء واستقرار إلى وفاته سنة ٦٧٥ هـ/١٢٥٨ م. وقامت منافسات على الحكم بين أبنائه واقتتلوا وأخذ حكم الدولة ينحسر عن غربى الجزائر كما أخذ المرينيون يتخلصون من الولاء لهم، واقتحم الجزائر أبو يحيى أخو السلطان يوسف بن يعقوب المرينى سنة ٧٠١ هـ/١٣٠١ م ودخل بجاية وخرّب بستانها المسمّى بالبديع وعاد أدراجه. وانتهى من حينئذ حكم الدولة الحفصية بالجزائر، فلم تعد تمد سلطانها على تاهرت وشرشال ومدينة الجزائر، إذ تراجع حكمها-حتى نهاية أيامها فى القرن العاشر الهجرى-إلى بجاية وسطيف وبسكرة وقسنطينة والزاب. وفى الأكثر كانت تفرض تلمسان فى عهد بنى زيان سلطانها على الجزائر الغربية وأحيانا كان يفرضه عليها بنو مرين وقلما كانت تفرضه الدولة الحفصية. وحاول الخليفة الحفصى أبو عصيدة تلافى هذه الخصومة سريعا، فأرسل فى سنة ٧٠٣ وفدا
(١) انظر فى الدولة الحفصية البيان المغرب لابن عذارى وتاريخ ابن خلدون والاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى للسلاوى وتاريخ الدولتين الموحدية والحفصية للزركشى والأدلة البينة النورانية فى مفاخر الدولة الحفصية لابن الشماع والفارسية فى مبادى الدولة الحفصية لابن قنفذ وتاريخ الجزائر فى القديم والحديث لمبارك بن محمد الميلى.