وفى سنة ١٢٨٧ هـ/١٨٧١ م وصل المصريون إلى حدود الحبشة فنشبت حرب بينهم وبين الحبشة وتوفى ملكها يوحنا بعد قليل واستولى المصريون على مرتفعات إرتريا فى سنتى ١٢٩١ هـ/١٨٧٥ م و ١٢٩٢ هـ/١٨٧٦ م وبذلك اتسعت إمبراطورية إسماعيل من البحر المتوسط إلى منطقة البحيرات فى أعالى النيل: ألبرت وفيكتوريا ومن سواحل البحر الأحمر وسواكن ومصوع وزيلع إلى دارفور شرقى بحيرة تشاد، وبسطت حمايتها على خليج عدن وبوغاز باب المندب وعلى أوغندة ووصلت حدودها إلى المحيط الهندى ورأس جرفوس عليه. واعترفت إنجلترا بسلطان مصر على الصومال. ويعود غوردون ويلقى إسماعيل سنة ١٢٩٣ هـ/١٨٧٧ م بحضور وزيره شريف باشا ويجيبه إسماعيل إلى ما طلبه من تعيينه حكمدارا عامّا على السودان وأعطاه سلطات لم تعط لحكمدار قبله وينزل السودان ويبدأ بتفقد الشرق، وفى مصوع جاءه خبر بالتمرد والعصيان فى إقليم دارفور وظل يعالج الأمور هناك فترة طويلة، وشك فى إخلاص السودانيين وفكر فى الاستعانة بإنجليز وأروبيين وهى فكرة خاطئة. وجاءه خبر تنازل إسماعيل صديقه عن الحكم وان ابنه «توفيق» خلفه، فصمم على اعتزال العمل فى السودان، إذ لن يظل متمتعا بما أتاح له إسماعيل من سلطات واسعة. ومن المؤكد أن الحكم المصرى للسودان الشقيق أتاح له تقدما فى العمران وزيادة فى الإنتاج واستغلال الثروة الزراعية والحيوانية وازدهارا فى التجارة مع تأسيس المدارس للتعليم المدنى ونشر المعارف العلمية الحديثة.
٥ -
حركة المهدى-خليفته عبد الله التعايشى
(أ) حركة (١) المهدى
المهدى هو محمد بن عبد الله ولد سنة ١٢٦٠ هـ/١٨٤٤ م لأب كان يعمل نجارا فى بناء السفن بمنطقة دنقلة، وهاجر فى النيل جنوبا ونزل فى مدينة شندى وتركها إلى قرية شمالى أم درمان، وتوفى. واحترف إخوة محمد مهنة أبيهم، أما هو فكان يميل بفطرته نحو الدين ودخل خلوة حفظ فيها القرآن الكريم، وبعد حفظه له التحق بشيخ أو بشيوخ يتعلم على أيديهم الفقه والتوحيد والنحو ويتلقن التصوف. وكان إخوته بعد وفاة والدهم نزلوا الخرطوم ونزلها معهم، ولزم شيخا صوفيا من أتباع الطريقة السمانية وعنه تلقّن تلك الطريقة، وأخذ يميل إلى النسك والعزلة، واعتزل سنة ١٢٨٦ هـ/١٨٧٠ م فى جزيرة أبا فى النيل الأبيض
(١) انظر فى تلك الحركة كتابى السودان عبر القرون والسودان فى قرن للدكتور مكى شبيكة وتاريخ السودان القديم والحديث لنعوم شقير ومصر والسودان فى أوائل عهد الاختلال لعبد الرحمن الرافعى ودائرة المعارف الإسلامية.