زمن حكمدارية موسى حمدى خمس مدارس فى عواصم المديريات: بربر والخرطوم والأبيض وكسلا ودنقلة. وقد أمدت هذه المدارس النظامية الإدارة السودانية بحاجتها من الكتاب والمحاسبين وعمال التلغراف وأحدثت نهضة فى الثقافة والأدب بعد أن كان العلم مقصورا على خلاوى القرآن ومجالس العلوم الشرعية. وأمر إسماعيل بالإنفاق على المساجد وكتاتيب القرآن وفرض رواتب شهرية لها. وعين إسماعيل جعفر مظهر حكمدارا للسودان وكان على معرفة واسعة بالعلوم الدينية والأدبية فكان يجتمع عنده العلماء والأدباء للحوار والمناقشة وشاع فى أيامه الشغف بالعلم والأدب، وأخذ بعض الشعراء ينظمون قصائد كانت تنشر فى الوقائع المصرية، وأمر إسماعيل بالتوسع فى نطاق السودان: فى دارفور وبحر الغزال وخط الاستواء. وتطورت الظروف فى بحر الغزال وعيّن الزبير السودانى مديرا له، وساءت العلاقات بينه وبين الزريقات فحاربهم وانتصر عليهم سنة ١٢٩٠ هـ/١٨٧٤ م وفرّ مشايخهم إلى سلطان دارفور فنازله الزبير وقتل فى إحدى المعارك، ودخل الزبير عاصمته: الفاشر سنة ١٢٩٢ هـ/١٨٧٦ م وضمت دارفور إلى السودان، وكان ذلك من الزبير عملا جليلا.
أما خط الإستواء فقد ارتبط مصيره بإنجليزيين أحدهما مكتشف مهم هو صموئيل بيكر مكتشف بحيرة ألبرت الاستوائية، والثانى ضابط إنجليزى هو غوردون، وكان صموئيل بيكر زار مصر فى أوائل سنة ١٢٨٠ هـ/١٨٦٩ م بمعية ولى عهد المملكة الإنجليزية، فتعرف عليه إسماعيل واختاره للقيام بحملة على خط الاستواء وضمه لمصر، وارتضى ذلك صموئيل بكير وحرّر معه عقد لمدة أربع سنوات براتب سنوى يبلغ نحو عشرة آلاف جنيه. وهى إحدى غلطات إسماعيل الكبرى أن يعهد إلى إنجليزى بفتح منطقة خط الاستواء ظانا أنه سيخدم مضر، وأسرّ صموئيل بيكر فى نفسه أن يخدم بلاده بجعل منطقة خط الاستواء مستعمرة بريطانية لو استطاع، ووضع نصيب عينية تأليب السودانيين على مصر والمصريين، وأنفقت الحملة ثمانمائة ألف من الجنيهات، ولم تتم عملية الفتح والضم كما كان مظنونا، وكل ما جنته مصر من الحملة طوال أربع سنوات تأسيس ثلاث محطات هناك فى غندوكرو وفاتيكو وفويرا ورفع أعلام مصرية عليها. وانتهى عقد بيكر وعاد إلى بلاده، وبدلا من أن يعهد إسماعيل إلى مصرى أو سودانى بإتمام الفتح قدم إليه وزيره نوبار ضابطا إنجليزيا تعرف عليه فى السفارة الإنجليزية بالآستانة هو غوردون الذى خدم دولته فى حروب القرم وفى الصين، فارتضاه إسماعيل ليتمم ما بدأه صموئيل بيكر فى منطقة خط الاستواء، فنجح هناك فى تأسيس مجموعة من المحطات العسكرية، وكان سياسيا ماكرا فجذب قلوب الناس إليه، واضطر للدخول فى مناوشات مع أوغندة والبلدان المجاورة، وأحسّ بالإرهاق فعاد إلى مصر مصمما على عدم العودة إلى السودان، غير أن إسماعيل أقنعه بإكمال مهمته، فوعده برجوعه بعد زيارته لبلاده.
وكانت مصر استولت على سواكن ومصوع ودخلت كل المنطقة الشرقية فى السودان،