كأنما الفضّة البيضاء سائلة ... من السبائك تجرى فى مجاريها
فرونق الشمس أحيانا يضاحكها ... وريّق الغيث أحيانا يباكيها
إذا النجوم تراءت فى جوانبها ... ليلا حسبت سماء ركّبت فيها
ويتحدث عن السمك المحصور فى البركة والصحن الممتد فى أسفلها والبهو الممتد فى أعاليها وتمثال الدّلفين الذى كان مقاما عليها، والبساتين والرياض التى تحف بها والأزهار التى تشبه ريش الطواويس فى تلاوينها العجيبة. ولعل فى كل ما قدمنا ما يصور شاعرية البحترى الرائعة وكيف أنه استطاع أن يتلافى بملكاته الخصبة القصور فى ثقافته الحديثة، فإذا هو يملك من أدوات التعبير ما يستحيل به شعره إلى أنغام وألحان خالصة.
[٣ - ابن الرومى]
هو على (١) بن العباس بن جريج، ويبدو أن أول من أسلم من آبائه أبوه القريب العباس، وقد نشأ على الولاء لعبد الله بن عيسى بن جعفر بن المنصور العباسى. وكان يونانى الأصل كما يشهد بذلك اسم جده، ونراه فى شعره ينسب نفسه إلى اليونان مرارا وقد يسميهم الروم أحيانا من مثل قوله:
ونحن بنو اليونان قوم لنا حجى ... ومجد وعيدان صلاب المعاجم
(١) انظر ترجمته وأشعاره فى مروج الذهب ٤/ ١٨٢، ١٩٤، وتاريخ بغداد ١٢/ ٢٣ والموشح للمرزبانى ص ٣٥٧، وابن خلكان والنجوم الزاهرة ٣/ ٩٦ وشذرات الذهب لابن العماد الحنبل ٢/ ١٨٨، ومرآة الجنان ليافعى ٢/ ١٩٨ وابن داود فى كتابه الزهرة ديوان المعانى للعسكرى فى مواضع متفرقة انظر الفهرس) وابن الرومى (حياته من شعره) للعقاد وحصاد الهشيم للمازنى، ومن حديث الشعر والنثر لطه حسين، والفن ومذاهبه فى الشعر العربى ص ٢٠٠. واختيارات كامل كيلانى من ديوانه الضخم وقد نشرها باسم ديوان ابن الرومى ولا يزال الديوان مخطوطا لم ينشر. وانظر اختيارات روفون جيست منه مع دراسة عن حياة ابن الرومى وشعره ترجمة حسين نصار.