للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبوابهم مفتوحة لضيوفهم دائما لا تغلق أبدا. ويعتلى عرش دولة بنى عبد الواد أو الدولة الزيانية أكبر شعراء الفخر فى الجزائر على مر العصور، وأقصد أبا حمو موسى الثانى، وحرى أن أقف قليلا لأترجم له وأعرض أطرافا من فخره.

أبو حمو (١) موسى الثانى

ولد أبو حمو موسى لأبيه يوسف بن عبد الرحمن بن يغمراسن فى أواخر مقامه بغرناطة فى بلاط سلطانها أبى الوليد بن فرج سنة ٧٢٣ هـ‍/١٣٢٣ م وفى تلك السنة استدعى يوسف وإخوته إلى تلمسان سلطانها أبو تاشفين الأول (٧١٨ - ٧٣٧ هـ‍) ولبّوه وأكرمهم وأعلى مكانتهم بين أمراء الأسرة، وبذلك كان منشأ أبى حمو موسى ومرباه الأول فى تلمسان حتى إذا بلغ الرابعة عشرة من عمره استولى السلطان أبو الحسن المرينى على تلمسان وأرغم أباه وبعض أمراء الأسرة على الاستقرار بفاس، وعلى شيوخها أتم أبو حمو موسى تعلمه، وظل بها مع أبيه إلى بداية إمارة عميه أبى سعيد وأبى ثابت سنة ٧٤٩ هـ‍/١٣٤٩ م حتى إذا فتك بهما السلطان أبو عنان المرينى سنة ٧٥٣ هـ‍/١٣٥٣ م رأينا أبا حمو موسى يقصد تونس وسلطانها أبا إسحاق فأكرمه غاية الإكرام، حتى إذا كانت سنة ٧٥٨ هـ‍/١٣٥٧ م واستولى فيها السلطان المرينى أبو عنان على تونس ارتحل أبو حمو مع السلطان الحفصى إلى إقليم الجريد جنوبى الإقليم التونسى، واضطرت الظروف أبا عنان بالعودة إلى فاس مع جيشه فى السنة التالية، وعاد السلطان الحفصى وأبو حمو موسى إلى تونس، والتف حوله عرب الدواودة وأخذ يستعين بهم فى مطاردة المرينيين، وسارعت إليه قبيلة بنى عامر شيعة أسرته ووطنه وتوجه بهم إلى الزاب ثم ورقلة، ونازل أولاد عريف من قبيلة سويد الهلالية وهزمهم هزيمة ساحقة، وجاءه عقبها نبأ وفاة السلطان أبى عنان المرينى فى أواخر ذى الحجة سنة ٧٥٩ هـ‍/١٣٥٨ م فصمم على أخذ تلمسان، وبايعه جميع من كان معه فى الخامس من محرم سنة ٧٦٠ هـ‍/١٣٥٩ م وجدّ فى السير مع جموعه من العرب وغيرهم، وتسامع به كل من كان فى طريقه إلى تلمسان، وكان أبو عنان ولّى عليها ابنه محمدا وترك معه حامية، فحاصره أبو حمو مدة كانت فيها مناوشات، وتيقن المرينيون أنه لا طاقة لهم بمنازلة أبى حمو، فطلبوا الأمان، وأسلموا تلمسان إليه وبايعه أهلها حين دخلها فى غرة شهر ربيع الأول، ويقول التنسى إنه «ساس أهل مملكته بالسيرة الحسنى وغمر الرعية قسطاس عدله الأسنى، وقسم أوقاته بين حكم يقضيه وحق يمضيه، وعاقّ يرضيه، وسيف لحماية الدين ينضيه، وسبيل إلى رضاء الله تعالى ورسوله يفضيه». وقد غيّر اسم الدولة، إذ


(١) انظر فى ترجمة أبى حمو موسى الثانى تاريخ ابن خلدون والجزء الثانى من بغية الرواد فى ذكر الملوك من بنى عبد الواد ليحيى بن خلدون وتاريخ بنى زيان ملوك تلمسان لمحمد بن عبد الله التنسى ص ١٥٧ وما بعدها وكتاب أبو حمو موسى الزيانى: حياته وآثاره للدكتور عبد الحميد حاجيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>