كان اسمها بنى عبد الواد نسبة إلى قبيلتهم، فرأى أن تسمى باسم الدولة الزيانية نسبة إلى زيان والديغمراسن مؤسس الدولة. وقد أعاد لها عزّها وسلطانها واستردّ لها بلدانها فى الجزائر: وهران والجزائر وتدلس، وكثرت الحروب فى أيامه بينه وبين بعض القبائل العربية والدولة المرينية. وثار عليه ابن عمه أبو زيان بن السلطان أبى سعيد وانصاعت له قبيلة عامر واستولى على مدينتى المدية ومليانة، ونشبت بينه وبين أبى حمو وقائع، واستطاع أبو حمو القضاء على ثورته فى أواخر سنة ٧٦٩ هـ/١٣٦٨ م وانتهز السلطان عبد العزيز المرينى فرصة تضعضع جيشه من كثرة الحروب واستولى على تلمسان سنة ٧٧٢ هـ/١٣٧١ م وظل أبو حمو يتنقل فى الصحراء حتى علم بوفاة السلطان المرينى سنة ٧٧٤ هـ/١٣٧٣ م فعاد إلى عاصمته تلمسان، وتبدأ منافسات بين ابنه وولى عهده أبى تاشفين وإخوته ويغتال يحيى بن خلدون كاتب أبى حمو ومؤرخه فى مؤامرة دبّرها ولى العهد سنة ٧٨٠ هـ/١٣٧٩ م حتى إذا كانت سنة ٧٨٦ هـ/١٣٨٥ م أغار السلطان أبو العباس المرينى-واستولى-على تلمسان، غير أن الأحداث فى عاصمته فاس اضطرته إلى العودة إليها سريعا، وعاد أبو حمو إلى تلمسان. وتسوء العلاقات سوءا شديدا بين ولى العهد أبى تاشفين وإخوته، مما جعل أبو حمو يخلع نفسه إرضاء لأبى تاشفين سنة ٧٩١ هـ/١٣٨٩ م ويتجه إلى الحج. وما إن نزل بجاية حتى غيّر رأيه، واتّجه إلى تلمسان، واستثار كل من كان فى طريقه وأقبل إليها بجموعه، وعلم ابنه أبو تاشفين، فلحق بفاس واستعان بسلطانها المرينى، وأعانه بجيش كثيف والتقى مع أبيه وجموعه واقتتلوا قتالا شديدا وكبا الفرس بأبى حمو وتوفّى. وهو من خيرة سلاطين الأسرة الزيانية وقد نهض بالعلم فى دولته واشتهر بها كثير من العلماء فى مقدمتهم أبو عبد الله الشريف الذى بنى له مدرسة كبيرة أكثر عليها من الأوقاف ورتب فيها الجرايات للشيوخ والطلاب وكما نهض بالعلم نهض بالأدب، ومن كتّابه وشعرائه محمد بن يوسف الثغرى الذى مرت ترجمته، ومنهم محمد بن على العصامى ومحمد بن صالح شقرون، ومن مآثره احتفاله بالمولد النبوى احتفالا عظيما، كان يبدأ فيه بمدحة نبوية له ثم تتوالى مدائح نبوية أخرى شطرا كبيرا من الليل وكان يدعى إليه الناس من العامة والخاصة، وتقام قبيل الصباح مأدبة ضخمة، وسنعرض لذلك فى حديثنا عن شعراء المدائح النبوية. وكان أديبا بارعا وله كتاب واسطة السلوك فى سياسة الملوك، وسنلم به فى حديثنا عن النثر فى الجزائر. وكان يحسن نظم الشعر، واحتفظ يحيى بن خلدون بكثير منه فى الجزء الثانى من كتابه بغية الرواد فى ذكر الملوك من بنى عبد الواد، وجمع منه كثيرا الدكتور عبد الحميد حاجيات فى كتابه عن أبى حمو موسى، وهو موزع بين فخر ونبويات مع مرثيتين لأبيه. ونراه عقب استقراره فى تلمسان وتمام الملك له ينظم ميمية طويلة يصور فيها حركته من تونس إلى تلمسان لاسترداد ملك آبائه وكيف أخذ يعد جيشا لمنازلة المرينيين من قبيلة عامر واقتحامه للزاب وريغ وورقلة والحمادى