اسمه إسماعيل بن إبراهيم الحمدونى، جدّه حمدويه صاحب الزنادقة لعهد الرشيد الذى كان يتعقبهم ويأمر بحبسهم أو محاكمتهم، ونجد أبناءه وأحفاده فى أواخر العصر العباسى الأول وفى هذا العصر يخدمون الخلفاء ويتخذونهم ندماء لهم. وعرف إبراهيم أبو اسماعيل بأنه كان ينادم المعتصم ثم الواثق ثم المتوكل، وكان ابنه أحمد على غراره نديما للمتوكل ثم للمستعين. ولا نشك فى أن إسماعيل كان على شاكلة أخيه وأبيه ينادم الخلفاء. وكل شئ فيه كان يعدّه لهذه المنادمة، إذ كان فكها خفيف الروح، وكان شاعرا، وصاحب قصص وأخبار ونوادر مضحكة، واتجه بشعره إلى الهجاء، ولكن أى هجاء؟ الهجاء الذى يلسع لسع الإبر من مثل قوله فى سعيد بن حميد حين ولى رياسة ديوان الرسائل سنة ٢٤٩ ساخرا منه ومن ملابسه الديوانية الجديدة:
لبس السيف سعيد بعد ما ... عاش ذا طمرين لا نوبة له
إن لله لآيات وذا ... آية لله فينا منزله
فقد جرّده من كل استحقاق للوظيفة وزيّها والسيف الذى كان يتقلده من يشغلها لعصره. فهو خلو من كل كفاءة، حتى ليعد تعيينه فيها معجزة لله لا يعلم سرها سواه. وكان سعيد ممن أتقنوا فن الكتابة لعصره وبلغوا فيه شأوا بعيدا. ومن هجائه اللاذع قوله فى بغيض:
سألتك بالله إلا صدقت ... وعلمى بأنك لا تصدق
أتبغض نفسك من بغضها ... وإلا فأنت إذن أحمق
(١) انظر فى الحمدونى وأخباره وأشعاره طبقات الشعراء لابن المعتز ص ٣٧١ وفوات الوفيات ١/ ٢٤ والأغانى ١٢/ ٦١ وترجمة أخيه أحمد فى معجم الأدباء ٢/ ٢١٧ وتاريخ الطبرى ٩/ ٢٦٤ والعقد الفريد (طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة) ٢/ ٢٩٨ و ٣/ ٢٤، و ٥/ ٣٤٣ و ٧/ ٢٨٧ وديوان المعانى ١/ ٢٧٨ وزهر الآداب ٢٣٣ وما بعدها