للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فزارة، وهى قبائل كثيرة كانت تنتمى إلى جهينة. ويكفى هذا الخبر للدلالة على أن المرأة السودانية شاركت بقوة فى انتشار التصوف فى البلاد، وكانت تحضر حلقات الذكر الصوفى، وكثيرا ما كانت تقوم امرأة-كما يقول ود ضيف الله-فتنشد والرجال يذكرون الله على إنشادها وصوتها، والنساء من خلفها وقوف يستمعن إليها وينظرن إلى أزواجهن وأقاربهن، وقد ينشد رجل والنساء يسمعن إليه مثل الرجال.

[(ج‍) التصوف والتربية الخلقية والدينية]

كان لكل طريقة صوفية «ورد» يقرؤه أتباعها صباحا ولها مجالس ذكر يجتمع له أتباعها على الأقل ليلة كل أسبوع. ويذكر الرجال الله فى صفين متقابلين ومنشد أو منشدة ينشدان أشعارا تزيد الذكر حماسة. وكان الشيخ يأخذ على من يريدون الانتماء إلى طريقته عهدا على أن يقوموا بأداء فرائض الإسلام ونوافله وعبادة الله والتمسك بتعاليم كتابه وسنة رسوله ومراقبته فى السر والعلن ومجاهدة النفس ودفعها إلى الفضيلة والعمل على كل خير. وبذلك كان التصوف نوعا من التربية الخلقية المثلى فضلا عن التربية الدينية. وكان بعض الشيوخ حين يأخذ العهد على التابع أو المريد الجديد يفصّل له المنهج الذى ينبغى أن يتقيد به ولا يعدل عن أى واجب فيه، ويعرض ود ضيف الله تفصيلا لمنهج العهد الذى كان يلزم به حمد ود أمريم أتباعه ومريديه يقول:

«كان يأمر كل من أتاه وتاب على يديه أن يصحح توبته بشروطها، وهى الندم على ما فات من تضييع فرائض الله من مثل الصلاة والصيام والزكاة وغيرها مع الإخلاص لله تعالى فيما يفعل وترك الرياء والزنا والكبر والحسد والغيبة والنميمة والعجب، ولا يسعى بقدميه فيما لا يحل له، ولا يسمع بسمعه ما لا يحل له، وينهاه عن مخالطة الخلق المغتصبين وأكل طعامهم وأكل طعام المستغرقين للذمم. ويقول إن ذلك هو السنة التى. سنها رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وكان يأمر كل من تاب على يديه أن لا يزوج ابنته-أو من تعهد له بزواجها-من فاسق أو آثم كالحلاّف بالطلاق والمغتصب وآكل الربا وغير ذلك. ونهى عن مخالطة الرجال مع النساء، وأمر بغض البصر. . وكان إذا جاءه أحد لتلاوة القرآن يقول له لا تجوز لك قراءته وأنت جاهل بالفرائض وما فرضه الله عليك من أحكام الوضوء والصلاة. وكان يأمر كل من تاب على يديه وعنده مال مغصوب أن يتصدق به، ويأمره بالصيام حتى يذهب اللحم الذى ربّى بالحرام، ويأمر تارك الصلاة والصيام بقضاء جميع ما فاتهما. ويأمر تابعه بمواصلة ذوى الأرحام وأن لا يتكلف للأضياف بل يقدم لهم ما فضل من نفقته ونفقة عياله. وعلى مريده أن يصلى الأوقات الخمسة معه ويشترط ذلك على خدمه وعبيده ونسائه. وكان جيرانه شكر الله وعبد الكافى والفقيه محمد ولد كوريب من شدة متابعتهم له إن قال لهم: انقلوا الجبل فإنهم ينقلونه».

<<  <  ج: ص:  >  >>