١٨٨١ وأيام خليفته التعايشى منذ سنة ١٨٨٥ حتى نهاية أيامه سنة ١٨٩٨ بعيدة عن كل تعليم حديث أو ثقافة حديثة تشوبها الحضارة الأوربية والتركية.
وبانتهاء العهد المهدوى وقيام الحكم الثنائى المصرى الإنجليزى فى السودان عادت الطرق الصوفية إلى نشاطها محاولة بكل ما تستطيع أن تسترد مكانتها التى كانت قد فقدتها. وأصبحت من حينئذ جماعة الأنصار المعتنقين للدعوة المهدية طائفة دينية تقف فى مواجهة الطوائف الصوفية. وعاد مع الطوائف الصوفية تعليم الخلوة والمسجد والزاوية والتحق بعض السودانيين بالتعليم الدينى فى الأزهر.
[(هـ) إنشاء معهد دينى وعودة التعليم المدنى الحديث]
أنشئ فى جامع أم درمان سنة ١٩٠١ معهد دينى لتدريس العلوم الدينية وعلوم العربية، وفى سنة ١٩١٢ بنى له مبنىّ مستقل بجوار مسجد جديد بأم درمان، ووضعت له نظم ومناهج كنظم ومناهج الأزهر، وجعل التعليم فيه على ثلاث مراحل وكل مرحلة أربع سنوات ومع كل مرحلة شهادة، وهى مرحلة أولى ومعها الشهادة الأولية، ومرحلة وسطى أو ثانوية ومعها الشهادة الأهلية، ومرحلة عليا ومعها الشهادة العالمية، مثل الأزهر تماما، وتفرعت من هذا المعهد معاهد أخرى فى المدن الرئيسية.
وكان لهذا المعهد أثر بعيد فى السودان إذ أخذ يزداد عدد خريجيه من حملة شهادة العالمية، وعيّن كثيرون منهم مدرسين فى وزارة أو مصلحة المعارف وسدّوا حاجة المدارس الأهلية إلى معلمين للناشئة يدرسون لهم الدين والعربية، كما سدوا حاجة المديريات من المعلمين فى معاهدها الإقليمية. ولم يكن فى السودان من المدارس النظامية سنة ١٨٩٩ سوى مدرستين حكومتين وبعض المدارس القروية، فعمل الحكم الثنائى المصرى الإنجليزى الجديد على إنشاء مدارس أولية ووسطى فنية، وتأخر إنشاء مدارس للبنات، وفى سنة ١٩١١ افتتح الشيخ با بكر البدرى المربى السودانى الفاضل مدرسة للبنات فى منطقة رفاعة بالجزيرة، وأدخل فيها كريماته واقتدت به بعض الأسر، فأدخلت معهن كريماتهن، وأخذت مدارس البنات تزداد، حتى بلغت فى آخر هذا العصر سنة ١٩٢٣ خمسا. ومنذ أواخر القرن الماضى وأوائل القرن الحاضر أخذت الإرساليات التبشيرية تنشط فى فتح المدارس.
وكان أهم حدث فى التعليم المدنى إنشاء كلية غوردون، وكان كتشنر أول حاكم عام للسودان جمع من السودانيين تبرعات لإنشاء كلية لذكرى غوردون وبلغت-كما أسلفنا- نحو مائة ألف جنيه، ووضع الحجر الأساسى لها سنة ١٨٩٩ ورؤى-فى أول الأمر-أن لا يتعدى التدريس فيها المرحلة الابتدائية، وافتتحت فى أكتوبر سنة ١٩٠٣ وتقدم لها مائة