للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حقّق به آمالنا فى جزيل آلائه وعوارفه».

ونمضى الرسالة بهذه الصورة من السجع والصياغة الجيدة. والرسالة مؤرّخة بأواسط جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وستمائة وكتب الرد فى رمضان سنة ٦٨١ ناصر (١) الدين شافع بن على بن عباس كاتب الإنشاء عن السلطان المنصور قلاوون. وقد ذكر السلطان أحمد بن هولاكو فى رسالته-كما هو واضح-إسلامه وأيضا أنه حرّم على عساكره الغارات على البلاد، وتقول الرسالة إن فى اتفاق السلاطين صلاح العالم. ومن كتّاب الإنشاء فى القرن الثامن يحيى (٢) بن عبد الرحمن الجعبرىّ الملقّب بنظام الدين المتوفى سنة ٧٦٠ وكان يكتب عن السلطان بوسعيد (٧١٦ - ٧٣٦ هـ‍). ويبدو أنه رحل إلى مصر ودمشق بعد وفاة السلطان، ثم عاد إلى بغداد، وأعيد إلى وظيفته فى كتابة الإنشاء عن حكامها إلى وفاته. ويلقانا فى أواخر القرن التاسع الغياث (٣) البغدادى عبد الله بن فتح الله كاتب الإنشاء ببغداد، ولا نعود نسمع عن كاتب مهم فى هذا العصر، فسرعان ما دخلت العراق فى حكم الدولة العثمانية، وكانت لا تهتم بديوان الإنشاء فى بغداد، فضعف شأنه إلى أبعد حد. ولعل من الخير أن نتوقف قليلا عند أهم كتاب الدواوين فى العصر: أبى إسحاق الصابئ والعلاء بن الموصلايا وضياء الدين بن الأثير.

أبو إسحاق (٤) الصابئ

هو إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون الصابئ المكنى بأبى إسحاق، أصل آبائه من حرّان، ولد ببغداد سنة نيف وعشرين وثلثمائة، وبها نشأ وتثقف وتأدب، ولزم فيها مواطنيه الحرّانيين وأخذ ما عندهم من الطب والرياضة والهندسة وعلم الفلك، ويقول القفطى: له مؤلف فى المثلثات. ويبدو أنه أحسّ فى نفسه مبكرا بنزوع شديد نحو الأدب وأن يصبح من كتاب الدواوين، فأخذ يكبّ على النصوص الشعرية والنثرية، وحفظ القرآن الكريم، وكان شاعرا ففتحت له الأبواب وتعرّف عليه الوزير المهلبى، وأعجب به، فاصطنعه لنفسه، وأحضره مجالس أنسه، ولم يلبث أن قلّده ديوان الرسائل سنة ٣٤٩


(١) صبح الأعشى ٧/ ٢٣٧.
(٢) ترجمته فى الدرر الكامنة لابن حجر ٥/ ١٩٢.
(٣) العزاوى ١/ ٢٧٧.
(٤) انظر فى ترجمة الصابئ اليتيمة ٢/ ٢٤١ وما بعدها ومعجم الأدباء ٢/ ٢٠ وابن خلكان ١/ ٥٢، ٤٤٥ وصوان الحكمة ص ٣٤٢ وتاريخ الحكماء للقفطى ص ٧٥ والشذرات ٣/ ١٠٦ والإمتاع والمؤانسة ١/ ٦٨ والمقابسات لأبى حيان (انظر الفهرس) وصبح الأعشى ٦/ ٤٨٣ و ١٤/ ٣٦٠ (راجع الفهرس) وكتابنا الفن ومذاهبه فى النثر العربى (الطبعة الثامنة) ص ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>