من أصل فارسى أسلم أبوه يحيى على يد المأمون وخصّ به. ويقال إن جدّ يحيى أبرسام البزرج كان وزيرا لأردشير وصاحب أمره. وشملته عناية المأمون هو وابنه على، وتوالى عليهما برّه، وأخذ نجم الأسرة فى التألق ببلاط المأمون والمعتصم، وتوثقت الصلة بين على ومحمد بن إسحق بن إبراهيم المصعبى. ثم بينه وبين الفتح بن خاقان وزير المتوكل، ووصفه له وقدّمه إليه، وأعجب به المتوكل وقرّبه منه، حتى صار أكبر ندمائه، يساعده فى ذلك علمه الواسع بالرواية والأخبار. وكان أشبه بالموسوعيين فهو يأخذ من كل علم وكل أدب بطرف. مع إحسانه اختيار الطرائف والنوادر، حتى كان المتوكل لا يصبر على بعده. ويقال إنه بلغ مجموع ما وصله به ثلاثمائة ألف دينار. وخلفه المنتصر فغلب عليه أيضا، وقدّمه على جميع جلسائه، وقلّده أعمال الحضرة، وأقرّه المستعين على ما تقلده من تلك الأعمال. ثم خلص الأمر للمعتز، فكان أول من طلبه لمنادمته على بن يحيى، وحين قدم عليه تلقاه أجمل لقاء وخلع عليه ووصله. وقلّده الأسواق والعمارات، وقدّمه على جميع الندماء ووصله بثلاثة وثلاثين ألف دينار وقلّده قصره الكامل فبناه ووصله عند فراغه منه بخمسة آلاف دينار، وأقطعه ضيعة كبيرة. ثم أفضى الأمر إلى المعتمد، فحظى فى عهده حظوة كبيرة، ووصله صلات سنيّة، وقلّده أعمال الحضرة، وما زال يحظى برعايته ورعاية أخيه الموفق حتى نهاية حياته.
وابن المنجم نموذج رفيع لندماء الخلفاء، فقد كان هناك ندماء كثيرون مضحكون كل همهم إضحاك الخلفاء وإدخال السرور على نفوسهم بما يوردون على أسماعهم من الأجوبة الهازلة أو ما يدخلون على ملابسهم وحركاتهم من الصور المضحكة.
وكان ابن المنجم مع ظرفه وما يورد على الخلفاء من النوادر والأخبار والقصص المستحبّة، بل قل مع اكتمال خصال المنادمة فيه ومعرفته بضروب الثقافات. حتى
(١) انظر فى حياة على بن يحيى وأشعاره معجم الأدباء ١٥/ ١٤٤ ومعجم الشعراء للمرزبانى ص ١٤١ والفهرست ص ٢١١ والأغانى (طبعة الساسى) ٩/ ٢٢ وتاريخ بغداد ١٢/ ١٢١ ومروج الذهب ٤/ ١٩١ والنجوم الزاهرة ٣/ ٧٣.