من أى حرارة، وكأنها نثر لفّقت ألفاظه وهو فى البيتين الأخيرين يشير إلى ما تذهب إليه الشيعة من أن الرسول عليه السلام أوصى لعلى أو كما يسميه حيدرا بالخلافة يوم غدير خمّ، إذ آخاه قائلا-كما يروون-: علىّ منى كهرون من موسى، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله. والأبيات تخلو من العاطفة ومن اللذع والحدة، ولذلك لا تكاد تؤثر فى قارئها أى تأثير، وله فى رثاء على والحسين قصائد أخرى من أروعها لاميته، وفيها يقول:
وشهيد بالطّفّ أبكى السّموا ... ت وكادت له تزول الجبال
يا غليلى له وقد حرّم الما ... ء عليه وهو الشراب الحلال
قطعت وصلة النبىّ بأن تق ... طع من آل بيته الأوصال
لم تنجّ الكهول سنّ ولا الشّ ... بّان زهد ولا نجا الأطفال
لهف نفسى يا آل طه عليكم ... لهفة كلّها جوى وخبال
وهو رثاء حار يمتلئ باللوعة والحسرة والنواح على الحسين ومن قتل معه من آل بيته.
ولمهيار مراث أخرى فى الحسين وآله تجمد فيها العاطفة فلا نار تتقد فى الأحشاء ولا لهب يستعر فى الأفئدة. وليس معنى ذلك أن مهيار لم يكن مخلصا لعقيدته الإمامية، ولكن معناه ما قلته من أنه كان يعثر على ضالته من التعبير اللاذع أحيانا، وأحيانا يضل منه هذا التعبير، لأنه لم ينشأ فى مهد عربى يمكّنه دائما من تملك السليقة العربية فى التعبير والصياغة.
ابن أبى (١) الحديد
هو عز الدين عبد الحميد بن هبة الله المعروف بابن أبى الحديد، ولد فى «المدائن» سنة ٥٨٦ لقاضيها وأحد العدول فيها، وبها نشأ وتلقى معارفه، ويقول ابن خلكان عنه وعن أخ له يسمى موفق الدين إنهما كانا فقيهين أديبين، لهما أشعار مليحة». ويبدو أنه شبّ على الاعتزال والتشيّع جميعا، وكان لا يزال يغدو ويروح إلى بغداد وإلى حى الكرخ الشيعى
(١) انظر فى ترجمة ابن ابى الحديد وفيات الأعيان ٥/ ٣٩١ وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبى ١/ ٥١٩ ومعجم الألقاب لابن الفوطى ج ٤ ق ١ ص ١٩٠ وذيل مرآة الزمان (طبع حيدر آباد) ١/ ٦٢ والتكملة لوفيات النقلة للمنذرى (طبع النجف) ٤/ ٢٤٥ وقد طبعت قصائده السبع العلويات فى إيران وطبعت مشروحة فى صيدا بلبنان وطبعت قصائده المستنصريات ببغداد، وله مؤلفات مختلفة، من أشهرها شرح نهج البلاغة للإمام على والفلك الدائر على المثل السائر