للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا نسيم الصّبح من كاظمة ... شدّ ماهجت الجوى والبرحا (١)

الصّبا! إن كان لابدّ الصّبا ... إنها كانت لقلبى أروحا

يا نداماى بسلع هل أرى ... ذلك المغبق والمصطبحا (٢)

اذكرونا مثل ذكرانا لكم ... ربّ ذكرى قرّبت من نزحا

واذكروا صبّا إذا غنّى بكم ... شرب الدّمع وعاف القدحا

قد عرفت الهمّ من بعدكم ... فكأنى ما عرفت الفرحا

وهذه القطعة وسابقتها من أروع شعر مهيار فى البناء اللفظى، وهما لذلك لا توضحان خصائصه الفنية التى تحدثت عنها بالتفصيل فى كتاب «الفن ومذاهبه فى الشعر العربى» حيث أوضحت أثر نشأته الأعجمية فى شعره وأن اللفظة الحادة كانت تضلّ منه، فكان يدور حول الفكرة دورانا يصيب شعره أحيانا بغير قليل من الركاكة والإسفاف، وكان مع ذلك يطيل قصائده طولا مسرفا، مما جعل رقعتها تتسع أو قل رقعها، فيتضح فيها التلفيق وكثرة التكرار للكلمات وما يدخل فى ذلك من الحشو والاعتراض. وحين أسلم أخذ يكثر فى شعره من ذكر مناقب أهل البيت ورثاء الحسين، ولم يكتف بذلك، كما كان يصنع أستاذه، بل أكثر أيضا من سبّ الصحابة رضوان الله عليهم، ويروى أن أبا القاسم بن برهان النحوى قال له: يا أبا الحسن! انتقلت بإسلامك فى النار من زاوية إلى زاوية، فقال له: وكيف ذلك؟ قال أبو القاسم: لأنك كنت مجوسيا وصرت تسبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمجوسى والرافضىّ فى النار. وله من قصيدة يمدح فيها آل البيت، وقد بث فى مطلعها شكواه من الزمن:

لئن نام دهرى دون المنى ... فلى أسوة ببنى أحمد

بأكرم حىّ على الأرض قام ... وميت توسّد فى ملحد

أتاكم على فترة فاستقام ... بكم جائرين عن المقصد

وولىّ حميدا إلى ربّه ... ومن سنّ ما سنّه يحمد

وقد جعل الأمر من بعده ... لحيدر بالخبر المسند

وسمّاه مولى بإقرار من ... لو اتّبع الحقّ لم يجحد

وواضح أن تعبيره عن حرمان الدهر له ما يتمناه بنومه عنه غير دقيق، وهو تعبير فاتر إن صح هذا التعبير، والأبيات الأربعة التالية فى مديح الرسول عليه السلام، وهى تخلو


(١) كاظمة: موضع على الخليج العربى جنوبى العراق فى الكويت.
(٢) سلع: جبل متصل بالمدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>