هو شهاب الدين أحمد بن على ولد بقلقشندة بالقرب من قليوب سنة ٧٥٦ وإليها ينسب، وهو من أصل عربى صميم إذ ينتمى إلى عشائر فزارة التى استوطنت مصر عقب الفتح الإسلامى.
ويبدو أنه نشأ فى القاهرة، وأخذ فيها ينهل من حلقات علماء الشافعية وغيرهم فى زمنه، وهو مع ذلك يعنى بالأدب والعلوم اللغوية. وفى نحو العشرين من عمره بارحها إلى الإسكندرية ونرى العالم الشافعى الكبير المعروف بابن الملقن يجيزه فيها سنة ٧٧٨ بالفتيا والتدريس على مذهب الإمام الشافعى كما يجيزه برواية مؤلفاته فى الفقه والحديث وكل ما كان يرويه من الصّحاح الستة ومسند الشافعى ومسند ابن حنبل. وسرعان ما تصدر للإفادة وهو فى الحادية والعشرين من عمره، وأقبل عليه كثير من التلاميذ يأخذون عنه الفقه والأصول وعلوم العربية. وظل فى ذلك نحو ثلاثة عشر عاما، ألف فى أثنائها شرحا فى الفقه الشافعى على كتاب جامع المختصرات ومختصرات الجوامع سمّاه الغيوث الهوامع. كما ألف فى أنساب القبائل العربية كتابين هما:«نهاية الأرب فى معرفة قبائل العرب» و «قبائل الجمان فى التعريف بقبائل عرب الزمان». ونراه فى سنة ٧٩١ يترك مهنة التدريس للعمل بديوان الإنشاء، وكان يرأسه بدر الدين بن علاء الدين بن يحيى بن فضل الله العمرى، وهو آخر من وليه من هذا البيت كما مر فى ترجمة عمه ابن فصل الله العمرى. واعترافا بفضله أنشأ القلقشندى مقامة طويلة فى تقريظه صوّر فيها صناعة الإنشاء وأصولها وعكف توّا على تأليف كتابه «صبح الأعشى فى صناعة الإنشا». وهو موسوعة ضخمة فى أربعة عشر مجلدا ظل يعنى بتأليفها فى نحو ربع قرن من الزمان حتى سنة ٨١٤ وظل يراجعها ويزيد عليها حتى حين وفاته سنة ٨٢١ للهجرة.
ويبتدئ القلقشندى صبح الأعشى بمقدمة تتناول فضل الكتابة ومدلولها وتفضيل كتابة الإنشاء على سائر أنواع الكتابة وصفات الكتّاب وآدابهم والتعريف بحقيقة ديوان الإنشاء وقوانينه ووظائفه، ثم تتوالى عشر مقالات أو أقسام كبيرة، والمقالة الأولى تتحدث عما يحتاج إليه كاتب
(١) انظر فى القلقشندى الضوء اللامع للسخاوى ٢/ ٨ وشذرات الذهب ٧/ ١٤٩ والمنهل الصافى لابن تغرى بردى ١/ ٣٣٠ ومقدمة الجزء الأول من صبح الأعشى وتاريخ الأدب الجغرافى لكراتشكوفسكى ١/ ٤١٦. وراجع فى مقامات القلقشندى ومفاخراته صبح الأعشى ١٤/ ١١٢، ٢٠٤، ٢٣١. وصبح الأعشى مطبوع من قديم بدار الكتب المصرية فى ١٤ مجلدا.