للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتواشيحه ونظمه الزجلى فى غاية الحسن» ويقول ابن عباد الرندى: «فى موشحاته وأزجاله حلاوة، وعليها طلاوة».

[(ج‍) شعراء المدائح النبوية]

طبيعى أن يتغنى شعراء الأندلس بمدائح الرسول صلى الله عليه وسلم، مثلهم فى ذلك مثل الشعراء فى جميع البلدان العربية الإسلامية، إذ هو المثل الكامل لكل مسلم فى تقواه ونسكه وورعه وامتثاله لأوامر ربه. وقد أخذت هذه المدائح تتكاثر فى الأندلس منذ عصر أمراء الطوائف الذى أصبحت فيه الأندلس دولا وإمارات كثيرة، مما جعل نصارى الشمال ينشطون لاسترداد الأندلس، واستردوا طليطلة وبعض حصون وقلاع، وفرضوا على أمراء الطوائف المتنابذين إتاوات كانوا يؤدونها لهم خانعين. وهو ما جعل غير شاعر أندلسى يفزع إلى مديح الرسول الكريم آملا أن تستمد الأندلس منه الأيد والقوة فى نضال أعدائها وأعداء الدين الحنيف. واتسع ذلك منذ القرن السادس الهجرى حتى أصبح المديح النبوىّ غرضا كبيرا من أغراض الشعر الأندلسى، ونحن نجده فى هذا القرن على لسان ابن السيد البطليوسى المتوفى سنة ٥٢١ وله فى مخاطبة مكة مهبط الوحى النبوى ورسولها الكريم شعر (١) طريف، وبالمثل نجده على لسان أبى عبد الله بن أبى الخصال كاتب يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، وله مع مديح الرسول مرثيتان (٢) فى مقتل الحسين بكربلاء. ويسوق المقّرى فى الجزء الأخير من كتابه نفح الطيب لابن العريف الصوفى أشعارا نبوية يذكر أنه نقلها عن كتابه: «مطالع الأنوار ومنابع الأسرار» ومن قوله فى إحداها: (٣)

وحقّك يا محمّد إنّ قلبى ... يحبّك قربة نحو الإله

جرت أمواه حبّك فى فؤادى ... فهام القلب فى طيب المياه

فهو محب واله للرسول عليه السلام، ويستمر قائلا إنه نال به فى دنياه فرحة وسرورا، وسينال به فى أخراه جاها ونعيما إذ يحب محبوب الإله وصفيّه، ويتذلل له فى بعض مدحه قائلا إنه عبد مسترق له ويطلب منه العتق والرضا وأن يكون له ملاذا وملجئا. ويختم


(١) أزهار الرياض ٣/ ١٤٧ وما بعدها.
(٢) فهرست ابن خبر ٤٢١.
(٣) انظر فى هذه القصيدة وتاليتها نفح الطيب ٧/ ٤٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>