للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - شعر الفتوح]

خرج العرب من جزيرتهم بعد حروب الردة يجاهدون فى سبيل الله دولتى الفرس والروم. فقضوا على الأولى، واستولوا على أهم ولايتين للثانية، وهما الشام ومصر. وكانوا فى أثناء هذا الجهاد ينظمون أناشيد حماسية مدوّية، يتغنون فيها بانتصاراتهم ويتمدحون بشجاعتهم وما يؤدّون لله ودينه. ومن الصعب أن نعرض كل ما نظموه فى مواقعهم المختلفة، إنما نلم بطرف منه، ولنقف قليلا عند موقعة واحدة فى الشرق هى موقعة القادسية، وفيها يلمع اسم أبى محجن الثقفى (١)، وكان مولعا بالخمر فحبسه سعد بن أبى وقاص، حتى إذا احتدمت المعركة توسّل إلى سلمى زوج سعد أن تطلقه-على أن يعود إلى قيده-ليسهم فى شرف المعركة، فأطلقته وأبلى فيها بلاء حسنا، وعاد إلى سجنه وهو ينشد (٢):

لقد علمت ثقيف غير فخر ... بأنا نحن أكرمهم سيوفا

فإن أحبس فقد عرفوا بلائى ... وإن أطلق أجرّعهم حتوفا

وكان حول أبى محجن فرسان كثيرون قصفوا الفرس وأطاحوا برءوس أبطالهم، وهم يتصايحون بالشعر الحماسى، منهم عمرو بن معديكرب الزّبيدى (٣)، وكان من أبطال الجاهلية وفرسانها وأسلم، وكانت له آثار مشهورة فى القادسية واليرموك ونهاوند، ومن شعره (٤):

والقادسية حين زاحم رستم ... كنا الحماة بهنّ كالأشطان (٥)

الضاربين بكل أبيض مخذم ... والطاعنين مجامع الأضغان (٦)


(١) انظر فى ترجمة أبى محجن الأغانى (طبع الساسى) ٢١/ ١٣٧ والشعر والشعراء ١/ ٣٨٧ والإصابة ٧/ ١٧٠ والخزانة ٣/ ٥٥٠ وما بعدها والاستيعاب ص ٦٨٢.
(٢) أغانى ٢١/ ١٤٠.
(٣) انظر فى ترجمته كتب الصحابة وأغانى (دار الكتب) ١٥/ ٢٠٨ والشعر والشعراء ١/ ٣٣٢ وذيل الأمالى ص ١٤٥ والخزانة ١/ ٤٢٢، ٣/ ٤٦٠ ومعجم الشعراء للمرزبانى (طبعة الحلبى) ص ١٥ ومعاهد التنصيص ٢/ ٢٤٠ والعينى ١/ ٣٧٩.
(٤) ذيل الأمالى ص ١٤٦.
(٥) الاشطان هنا: الجنّ والمردة.
(٦) الأبيض: السيف. المخذم: القاطع. مجامع الأضغان: القلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>