للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمور، ونشبت وقعة الجمل بين على وبين طلحة والزبير وعائشة، ودوّت فى هذه الوقعة أشعار حماسية كثيرة (١) من مثل قول القائل (٢):

نحن بنو ضبّة أصحاب الجمل ... ننعى ابن عفّان بأطراف الأسل

ننازل الموت إذا الموت نزل ... والموت أشهى عندنا من العسل

والتقى على بمعاوية فى صفّين، وحمى وطيس المعارك، وتنادى الشعراء يهددون ويتوعدون، وكلّ يعتقد أن الحق فى جانبه، من مثل قول أبى الطّفيّل عامر بن واثلة يصف بعض أنصار علىّ:

كهول وشبان وسادات معشر ... على الخيل فرسان قليل صدودها

شعارهم سيما النبىّ وراية ... بها انتقم الرحمن ممن يكيدها

وردّ عليه خزيمة الأسدى يصف جيش معاوية (٣):

ثمانون ألفا دين عثمان دينهم ... كتائب فيها جبرئيل يقودها

فمن عاش منكم عاش عبدا ومن يمت ... ففى النار سقياه هناك صديدها

ويفيض كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم بأشعار كثيرة اندلعت فيها نيران العصبيات القبيلية (٤)، وقد يكون دخلها انتحال ووضع واسع، ولكن فى تاريخ الطبرى وفى كتب الأدب وكتب الصحابة ما يكفى لبيان ما انزلق على الألسنة من أشعار ملتهبة (٥). وقد تلت ذلك وقعة النهروان بين على والخوارج، ومنذ خروجهم وشعرهم لا يخمد له أوار. ومن غير شك أذكت كل هذه الأحداث جذوة الشعر العربى إذكاء وأشعلتها إشعالا.


(١) تاريخ الطبرى ٣/ ٥٢٢ وما بعدها.
(٢) الطبرى ٣/ ٥٢٧.
(٣) أغانى (طبعة دار الكتب) ١٥/ ١٤٩.
(٤) وقعة صفين (بتحقيق عبد السلام محمد هرون) نشر المؤسسة العربية الحديثة ص ١٣٧، ٣١٢، ٣٤٧، ٣٧٦، ٤٨٧ وفى مواضع متفرقة.
(٥) انظر الطبرى ٤/ ١٦ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>