للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معا. ولم يلبث مركز على أن تزعزع فى العراق فإن طائفة كبيرة من جيشه كانت قد أسرعت منذ قبوله التحكيم إلى الخروج عليه، واتخذت معسكرا لها فى حروراء بالقرب من الكوفة وبايعت عبد الله بن وهب الراسبى بالخلافة. فلما ظهرت نتيجة التحكيم انضم إليها كثير من أتباع على. وعبثا حاول إقناعهم بخطئهم، ولم ير أخيرا بدّا من حربهم، فالتقى بهم عند مصب قناة النّهروان فى دجلة وهزمهم هزيمة ساحقة، إلا أن بقية منهم نجت، وكان منهم عبد الرحمن ابن ملجم الذى تحيّن منه فرصة، وقتله غيلة ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلت من رمضان سنة أربعين للهجرة، وقد بكاه كثير من أصحابه (١)، وعلى رأسهم أبو الأسود الدؤلى إذ يقول (٢):

أفى شهر الصيام فجعتمونا ... بخير الناس طرّا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا ... وخيّسها ومن ركب السفينا

إذا استقبلت وجه أبى حسين ... رأيت البدر راق الناظرينا

لقد علمت قريش حيث حلّت ... بأنك خيرها حسبا ودينا

وقد كثرت الأشعار فى هذه الحروب الأهلية منذ الثورة على عثمان، فقد كان بعض الثائرين عليه والساخطين يصورون ثورتهم وسخطهم فى أشعار كثيرة (٣)، ويقتل عثمان، ويبكيه كثيرون وخاصة من بنى أمية. وقد ذهبوا يتوعدون عليّا ويتهددونه على شاكلة قول الوليد بن عقبة يخاطب بنى هاشم (٤):

وإنا وإياكم وما كان منكم ... كصدع الصّفا لا يرأب الصدع شاعبه

هم قتلوه كى يكونوا مكانه ... كما غدرت يوما بكسرى مرازبه

وقد مضى يحرّض معاوية على الأخذ بثأره فى أشعار كثيرة (٥). وتطورت


(١) انظر فى مراثيه الاستيعاب ص ٤٨٥ - ٤٨٦ والطبرى ٤/ ١١٦.
(٢) الأغانى (طبعة دار الكتب) ١٢/ ٣٢٩ والطبرى ٤/ ١١٦ وخيسها فى البيت الثانى: ذللها.
(٣) انظر الاستيعاب ص ٤١٠.
(٤) الأغانى (طبعة دار الكتب) ٥/ ١٢٠ والكامل للمبرد ص ٤٤٤.
(٥) انظر الأغانى (طبع دار الكتب) ٥/ ١٢٢ وما بعدها والاستيعاب ص ٦٢٢ والطبرى ٣/ ٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>