للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباعونية المتوفاة سنة ٩٢٢ وقد جعلت بديعتها فى مائة وثلاثين بيتا. ويلاحظ أن استخدام الشعراء المصريين طوال هذا العصر للمحسنات لم يسمج ولم يثقل ولم يتحول إلى صور من التكلف المقيت حتى أيام العثمانيين، وكأنما حالت العذوبة التى تنطوى عليها نفوسهم وأمزجتهم والتى تجرى بها مياه النيل فى أرضهم، بين كل ذلك وبين ما استخدموه من محسنات البديع وتلاوينه. وقديما لاحظ ذلك ابن سعيد صاحب كتاب المغرب حين نزل الفسطاط والقاهرة واختلط بشعرائهما، إذ لم يلبث أن أنشد (١):

أيا ساكنى مصر غدا النّيل جاركم ... فأكسبكم تلك الحلاوة فى الشّعر

وكان بتلك الأرض سحر وما بقى ... سوى أثر يبدو على النظم والنّثر

وسنذكر نفثات من آثار هذا السحر وما طوى فيه من حلاوة وعذوبة فى تراجم الشعراء لتلك الأزمنة

[٤ - شعراء المديح]

يكتظ الشعر العربى فى مصر بالمديح منذ زمن الولاة المبكر أيام الدولة الأموية، وخاصة فى ولاية عبد العزيز بن مروان إذ كان جوادا ممدّحا، فانتجعه شعراء الحجاز ونجد والعراق، ويظل شعر المديح يجرى على ألسنة الشعراء أيام الدولة العباسية، ويزور أبو نواس مصر لمدح والى الخراج بها: الخصيب، ويضفى عليه مدائح رائعة، ولا يلبث أن يزورها أبو تمام، ويمدح عياش بن لهيعة الحضرمى القائم على الشرطة والخراج كما مر بنا، كما يمدح واليها عبد الله بن طاهر. ومن أهم شعراء مصر حينئذ المعلّى الطائى، وأنشدنا فى غير هذا الموضع بعض مديحه فى عبد الله بن طاهر والى مصر للمأمون. ويظلّها عهد الدولة الطولونية ويتبارى شعراؤها فى مديح أحمد بن طولون.

وأهمهم فى بواكير حكمه لمصر الحسن (٢) بن عبد السلام المشهور بلقبه الجمل الأكبر المتوفى سنة ٢٥٨، وله من قصيدة فى مديحه:


(١) فوات الوفيات ١/ ٢٣٦
(٢) انظر فى ترجمة الجمل الأكبر معجم الأدباء لياقوت ١٠/ ١٢١ والمغرب لابن سعيد (قسم الفسطاط) ص ٢٧٠ والنجوم الزاهرة ٣/ ٣٠ وله فى كتاب الولاة والقضاة للكندى أشعار متفرقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>