كانت أمها من مولّدات اليمامة، وكانت هى من مولّدات البصرة، نشأت فى دار رجل من قبيلة عبد القيس أدّبها وثقفها ثم باعها، ووقعت لرجل من النخّاسين فى الكرخ ببغداد يقال له حسنويه، فاشتراها منه محمد بن الفرج الرّخّجى، وأهداها إلى المتوكل سنة ٢٣٣ للهجرة. ولم يكن بين الجوارى فى زمانها أفصح منها ولا أشعر، ويقول فيها بعض النخاسين: كانت فى نهاية الجمال والكمال. ولما دخلت على المتوكل سألها أشاعرة أنت؟ فقالت: كذلك زعم من باعنى واشترانى، فضحك، وقال لها: أنشدينا شيئا من شعرك، فأنشدته تمدحه:
استقبل الملك إمام الهدى ... عام ثلاث وثلاثينا
إنا لنرجو يا إمام الهدى ... أن تملك الناس ثمانينا
لا قدّس الله امرءا لم يقل ... عند دعائى لك آمينا
فاستحسن الأبيات، وأمر لها بجائزة وأمر عريب أن تغنيه بها، فغنت وطرب طربا شديدا. وكانت حاضرة البديهة فكان الشعراء من حاشية المتوكل ومن غيرها يتعرضون لها ببعض أبيات يلقونها عليها، فتجيزها فى سرعة شديدة، وكان المتوكل نفسه يلقى عليها أحيانا بعض الأبيات فتسرع فى إجازتها ببديهتها الحاضرة، من ذلك قول بعض الشعراء:
تعلمت أسباب الرّضا خوف عتبها ... وعلّمها حبّى لها كيف تغضب
ولم يكد يلفظ بالبيت حتى قالت:
تصدّ وأدنو بالمودّة جاهدا ... وتبعد عنى بالوصال وأقرب