وكما كان لها مديح كان لها هجاء خصّت به معاصرتها الخنساء، ولكن جمهور أشعارها كان فى الغزل، وهو غزل رقيق رقة شديدة من مثل قولها:
علم الجمال تركتنى ... فى الحب أشهر من علم
ونصبتنى يا منيتى ... غرض المظنة والتّهم
فارقتنى بعد الدن ... وّ فضرت عندى كالحلم
ما كان ضرّك لو وصل ... ت فخفّ عن قلبى الألم
وهى تقول لصاحبها إنك وصلتنى وشهرتنى بحبك ثم هجرتنى وأنزلتنى هذه المنزلة المخزية من القطيعة، حتى صرت وصارت أيام وصلك كأنها حلم وخيال، وهى تود لو ظفرت بحبه ثانية وظفرت بوصله، فخرجت من آلامها المبرّحة. وأكثر غزلها فى معشوقها سعيد بن حميد رئيس ديوان الرسائل لعصر المستعين، وله فيها بدوره غزل كثير، وبينهما محاورات ومكاتبات شعرية طريفة، من ذلك أنه عتب عليها يوما أنها لا تقبل عليه فى مجلسها ولا تذكره باسمه فى غزلها، فكتبت إليه:
وعيشك لو صرّحت باسمك فى الهوى ... لأقصرت عن أشياء فى الهزل والجدّ
ولكننى أبدى لهذا مودتى ... وذاك وأخلو فيك بالبثّ والوجد
فكتب إليها سعيد:
تنامين عن ليلى وأسهره وحدى ... وأنهى جفونى أن تبثّك ما عندى
فإن كنت لا تدرين ما قد فعلته ... بنا فانظرى ماذا على قاتل العمد
وكان لا يقلّ عنها كلفا ولا غراما، وكانا كثيرا ما يتغاضبان ويتعاتبان ويعودان إلى الرضا بعد أن يصف كل منهما هيامه بصاحبه ودموعه المتحدرة، وكانت لاتنى الرقاع والرسائل بينهما ذاهبة راجعة، ومما كتبته له فى إحدى الرقاع:
الصّبر ينقص والسّقام يزيد ... والدار دانية وأنت بعيد
أشكوك أم أشكو إليك فإنه ... لا يستطيع سواهما المجهود