للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبدى الزمان به ندوب عضاض ... ورمى سواد قرونه ببياض (١)

وقوله:

خلع الصّبا عن منكبيه مشيب ... وطوى الذوائب رأسه المخضوب

نشر البلى فى عارضيه عقاربا ... بيصا لهنّ على القرون دبيب

وقوله يذكر الشباب:

فهل لك يا عيش من رجعة ... بأيامك المونقات الحسان

وهيهات يا عيش من رجعة ... بأغصانك المائلات الدّوانى

لقد صدع الشيب ما بيننا ... وبينك صدع الرّداء اليمانى

وعمى بأخرة من حياته، فحزن حزنا عميقا، ومضى يرثى عينيه ويبكيهما بأبيات مؤثرة، تصور التياعه التياعه التياعا شديدا من مثل قوله:

يا نفس بكّى بأدمع هتن ... وواكف كالجمان فى سنن (٢)

على دليلى وقائدى ويدى ... ونور وجهى وسائس البدن

أبكى عليها بها مخافة أن ... تقرنى والظلام فى قرن

ولعل فى ذلك كله ما يصور براعه فى الشعر وكيف كان يحسن نسيجه نافذا إلى كثير من دقائق المعانى ورائع الصور والأخيله. ويقال إن بعض الغلمان قتله وهو ثمل بالخمر سنة ١٩٦ للهجرة.

عبد الله (٣) بن أيوب التيمى

كان يكنى أبا محمد وهو من موالى بنى تبسم ومن أهل الكوفة، وقد تركها إلى بغداد طلبا لجوائز الخلفاء والوزراء والقواد، وبها انعقدت صلة وثيقة بينه وبين


(١) الندوب: الكلوم والجراح.
(٢) هتن: غزيرة. واكف: سائل لا ينقطع.
(٣) انظر فى عبد الله بن أيوب وأخباره وأسماره الأغانى (طبعة الساسى) ١٨/ ١١٥ وانظر ١٧/ ٣١ و ٤٥ والحيوان ٦/ ٥٠٥ والنجوم الزاهرة ٢/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>