للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومهم فى الجزيرة، وخاصة حين يلم بهم وهن، ويظنون أنهم ميتون، وقصيدة مالك بن الريب فى مرضه مشهورة (١). وكان يحدث أحيانا أن يخفق بعض البدو بالجزيرة العربية فى حبّهم، فيرحلوا إلى الثغور، وينظموا شعرا يضمنونه حبهم اليائس، وهو شعر يفيض باللوعة الممضّة على نحو ما نجد عند الصّمّة القشيرى (٢) الذى مات غازيا بطبرستان.

[٥ - الشام]

لا يكاد يقاس الشعر فى الشام لهذا العصر إلى ما انبثّ منه فى خراسان والعراق والحجاز، ومرجع ذلك أن قبائل الشام كانت فى جمهورها قبائل يمنية، وهى لا تبلغ فى الشعر والشاعرية ما تبلغه القبائل المضرية، وأهم شاعر أنبتته بيئة الشام فى هذا العصر هو عدىّ بن الرقاع العاملى، وهو يتأخر خطوات عن شعراء العراق والحجاز المبرّزين أمثال جرير والفرزدق وعمر بن أبى ربيعة.

على أنه ينبغى أن يلاحظ أن كثيرا من قبائل قيس نزل الشام مع الفتوح، واصطدمت مصالحه كما قدمنا بمصالح كلب والقبائل اليمنية، مما جعل الحروب تنشب بين الطرفين من جهة وأوقد نيران الهجاء والفخر بين شعرائهما من جهة ثانية، سواء فى موقعة مرج راهط أو فيما تلاها من مواقع ظلت سنوات.

ولكن هذا الشعر نعده طارئا على الشام، فلولا وفود هذه القبائل المضرية ما ظهر ولا استطار.

ومما يتصل بهذا الشعر الطارئ على الشام شعر الشعراء الذين كانوا يفدون على الأمويين يمدحونهم من الحجاز ونجد والعراق والجزيرة. ومن الحجازيين الذين أكثروا الوفود عليهم ابن قيس الرّقيّات ونصيب والأحوص وكثيّر وإسماعيل


(١) أغانى (ساسى) ١٩/ ١٦٢ وذيل الأمالى ص ١٢٦.
(٢) أغانى (دار الكتب) ٦/ ٢ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>