لى من هواك بعيده وقريبه ... ولك الجمال بديعه وغريبه
يا من أعيذ جماله بجلاله ... حذرا عليه من العيون تصيبه
إن لم تكن عينى فإنك نورها ... أو لم تكن قلبى فأنت حبيبه
هل حرمة أو رحمة لمتيّم ... قد قلّ منك نصيره ونصيبه
لم يبق لى سرّ أقول تذيعه ... عنى ولا قلب أقول تذيبه
والنّجم أقرب من لقاك مناله ... عندى وأبعد من رضاك مغيبه
والأبيات تسيل رقة ونعومة وهو فيها يحوط صاحبته بكل ما يستطيع من شباك التضرع والاستعطاف، فهو عاشق واله، وهى ليست جميلة فحسب بل هى أيضا جليلة، وهو يعيذ جمالها بجلالها حذرا من عيون الحاسدين. وهى نور عينه وحبّة قلبه، وهو يسألها متوسلا بالرحمة أو حرمة الحب لعلها تنيله شيئا من الود، ويعترف بأن آلامه فى حبها ذاعت وشاعت، وقلبه يصلى نار حبها حتى ذاب التياعا لطول يأسه من لقائها حتى ليظن أن النجم أقرب من لقائها منالا وأبعد من رضاها مغيبا. وهو فى غزله دائما ينصب شباك هذا التضرع الطريف كقوله:
بتثنّى قوامك الممشوق ... وبأنوار وجهك المعشوق
جد بوصل أو زورة أو بوعد ... أو كلام أو وقفة فى الطريق
أو بإرسالك السلام مع الرّ ... يح وإلا فبالخيال الطّروق
وتدل تمنياته فى وضوح على خفة ظله، وأنه رقيق رقة مفرطة مع الدماثة والظرف والتدله فى الحب واتقاد جذوته فى فؤاده. ولكل ذلك سماه معاصروه بحق «الشاب الظريف». وله وراء ما ذكرنا من شعره موشحات ورباعيات بنفس الروح ونفس اللغة.
حسن (١) البورينىّ
هو حسن بن محمد البورينىّ، ولد بالأردن فى قرية صفّورية لسنة ٩٦٣ للهجرة، ونزل مع أبيه دمشق وهو غلام، واختلف فيها إلى حلقات العلماء، ولم يلبث أبوه أن بارحها إلى بيت
(١) انظر فى حسن البورينى وشعره ريحانة الألبا ١/ ٤٢ وخلاصة الأثر ٢/ ٥١