للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما المنى أو فالمنيّة إنها ... حياة لبيب لم ينل من لبابها

وهل نعمة إلا ببؤسى وإنما ... عذوبة دنيا المرء عند عذابها

فإما تحقيق المنى والحصول عليها وإما الموت الزؤام، وهل نعمة إلا مصحوبة ببؤس وشقاء، وإنما عذوبة دنيا الإنسان فى عذابها، وهو بذلك صاحب نفس كبيرة، ويصورها فى الأبيات التالية:

أعددت للدهر إن أردت حوادثه ... عزما يحلّ عليه كلّ ما عقدا

وصارما تتخطّى العين هزّته ... كأنما ارتاع من حدّيه فارتعدا

وذابلا توضح العليا ذبالته ... كأنها نجم سعد لاح منفردا (١)

ونثرة ليس للريح المضىّ بها ... إلا كما عرضت للنّهى فاطّردا (٢)

وهو يقول إنه أعدّ للدهر حين تنزل به حوادثه عزما يحل كل شدائده، وسيفا قاطعا تتخطى هزته العيون، وكأنما أخذه وجل من حدّيه القاطعين فارتعد، ورمحا يوضح العلياء حده القاطع وكأنه نجم سعد يكتب له دائما النصر والظفر، ودرعا تشبه طيّاتها موجات مياه الغدير حين تحركها الرياح ويقول.

سل الليل عنى هل أنام إذا سجى ... وهل ملّ جنبى مضجعى ومكانى

على أننى جلد إذا الضرّ مسّنى ... صبور على ما نابنى وعرانى

وهو يقول لصاحبه: سل الليل عنى فإنى دائما يقظ، ودائما يجفو جنبى المضجع والمكان، وإننى لجلد أحتمل كل ضر يمسنى، صبور على كل ما ينوبنى، أحتمل من ذلك ما يطاق وما لا يطاق، حتى يأتى الله بالفرج.

[٥ - شعراء الوصف]

الشاعر العربى-من قديم-يصف كل ما حوله من الإنسان وغير الإنسان من الحيوانات والنباتات والأزهار، وقد مر بنا فى المديح وصف قصور روجار: القبة والمنصورية والفوارة عند البثيري والطرابنشى وما حف بالأولين من بركة وبها جميعا من رياض، ولأبى الحسن بن الطوبى فى وصف الثريا (٣):


(١) ذابلا: رمحا. ذبالته: حده القاطع.
(٢) نثرة هنا: درعا. النهى: الغدير.
(٣) الخريدة ١/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>