كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف

الفصل الخامس: أعلام للشعراء - ٥ - الصنوبرى - ج: 4 - ص: 347

والشكوى من الدنيا ومن الأصدقاء، وعللنا ذلك آنفا بأنها طوابع طبعتها فى نفسه نكبته بأبيه ونفيه إلى مكة فى صباه، وقد ظل يحنّ إلى سامراء بعد نزوله ببغداد وما لقى من بعوضها ونقيق ضفادعها (١).

وقد تحدثنا فى غير هذا الموضع عن اهتمامه بالشعر التعليمى ونظمه فيه مزدوجة تاريخية صوّر فيها سيرة صديقه وابن عمه المعتضد والأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية لعصره. ولعل فى كل ما أسلفنا ما يشهد ببراعته وامتيازه بين الشعراء لعصره.

٥ - الصنوبرى (٢)

هو أحمد بن محمد بن الحسن الضبى الصّنوبرىّ، وفى بعض المصادر أن اسمه محمد (٣)، وهو خطأ، إذ ذكر اسمه فى ديوانه غير مرة باسم أحمد، من مثل قوله معزيا نفسه فى بعض الظروف:

ارض حكم الزمان يا أحمد ارضه ... إن تذق ضيمه فقد ذقت محضه (٤)

وصحّف لقبه «الضبى» نسبة إلى قبيلة ضبّة فى فوات الوفيات، فصار «الصيبى» ولا علاقة له بالصين، إنما هو تصحيف النساخ. أما لقبه الثانى «الصنوبرى» فزعم هو نفسه أن جدّه كان يعمل فى دار الحكمة لعهد المأمون فاشترك فى مناظرة بين يديه وأعجب به فقال له: إنك لصنوبرى الشكل دلالة على ذكائه وحدة مزاجه، ولعل المأمون لم يرد بذلك إلا سمته وصورته وأن وجهه على

---

(١) الديوان ص ٤٠١.
(٢) انظر فى ترجمته وأشعاره تهذيب تاريخ ابن عساكر ١/ ٤٥٦ وفوات الوفيات (طبعة محيى الدين عبد الحميد) ١/ ١١١ والوافى بالوفيات للصفدى ٧/ ٣٧٩ وشذرات الذهب ٣/ ٣٣٥ ومعجم البلدان لياقوت فى (حلب) وديوانه بتحقيق الدكتور إحسان عباس طبع الثقافة ببيروت.
(٣) الفهرست ص ٢٤٥.
(٤) الضيم: الممزوج بالشوائب. والمحض: الخالص غير المشوب