للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - نمو الموضوعات الجديدة]

على نحو ما حدث فى الموضوعات القديمة من إضافات كثيرة سواء من حيث المعانى أو من حيث التصاوير، أخذت الموضوعات الجديدة التى عرضنا لها فى كتاب العصر العباسى الأول تدخلها إضافات متنوعة، كما أخذت فروع من الموضوعات القديمة تستقل وتنمو نموّا واسعا حتى لتصبح موضوعات جديدة جدة خالصة، وأول ما نقف عنده مما تفرع عن الموضوعات القديمة أو تولد منها، شعر التهانى الذى تحول إليه شعر المديح فى بعض جوانبه، وخاصة التهانى بأعياد النيروز والمهرجان كما مر بنا آنفا، وكان أول من افتتح التهانى أحمد بن يوسف للمأمون (١)، ثم أصبح ذلك سنة عامة، ثم أخذ هذا الموضوع يتسع. فأكثروا من التهنئة بالمواليد، وأيضا فإنهم أكثروا من إرفاق الهدايا بأبيات من الشعر الرقيقة، من مثل قول سليمان بن وهب.

وقد أهدى إلى سليمان بن عبد الله بن طاهر سلال رطب من ضيعته (٢):

أذن الأمير بفضله ... وبجوده وبنيله

لوليّه فى برّه ... بجناه سكّر نخله

فبعثت منه بسلّة ... تحكى حلاوة عدله

وكثيرا ما كانوا يتهادون بالورود والرياحين فى أيام الربيع ويرسلون معها ببعض الأشعار، وكذلك كانوا يتهادون ببعض التحف والطرف النفيسة، وقد يصفون ما يهدونه تظرفا كقول ابن الرومى فى قدح أهداه إلى على بن يحيى المنجم (٣):

وبديع من البدائع يسبى ... كلّ عقل ويطّبى كل طرف

كفم الحبّ فى الملاحة بل أش‍ ... هى وإن كان لا يناجى بحرف

وسط القدر لم يكبّر لجرع ... متوال ولم يصغّر لرشف


(١) ديوان المعانى ١/ ٩٥.
(٢) الأغانى (طبعة الساسى) ٢٠/ ٧١.
(٣) الديوان ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>