شيخ معتزلة بغداد ورئيسهم، يقال إنه كوفى الأصل ولعله تحوّل منها أولا إلى البصرة موطن المعتزلة، ثم استوطن بغداد، وقد اتخذ النخاسة حرفة له، مثله فى ذلك مثل محمود الوراق، وكان أيضا مثله زهدا ونسكا وعبادة. ولا نعرف بالضبط متى نزل بغداد، غير أننا نجد اسمه يلمع فيها منذ عصر الرشيد والبرامكة وقد توثقت الصلة بينه وبين الأخيرين وخاصة منهم الفضل بن يحيى البرمكى، وربما كان السبب الحقيقى فى توثق هذه الصلة ما عرف عن بشر من نزعة شيعية، وكان البرامكة يتشيعون سرّا، ففسحوا له فى مجالسهم، ونصّ كثيرون على هذه النزعة، يقول النوبختى إنه كان يوافق الشيعة فى الحكم على علىّ بأنه كان مصيبا فى حربه لطلحة والزبير ومعاوية وأن جميع من قاتله كان على خطأ، وأيضا كان مصيبا فى قبوله التحكيم. ويقول ابن أبى الحديد: «كان بشر بن المعتمر من قدماء شيوخنا رحمه الله تعالى يقول بتفضيل على عليه السلام (أى على أبى بكر وعمر) ويقول كان أشجعهم وأسخاهم، ومنه سرى القول بالتفضيل إلى أصحابنا (من المعتزلة) البغداديين قاطبة وفى كثير من البصريين». وقد روى له ابن لمرتضى أبياتا من أرجوزة يقول فى بعض شطورها «نبرأ من عمرو ومن معاوية» خصمى على فى صفّين، فتشيعه لا مرية فيه ولا شك يعتريه.
وقد عرضنا فى الفصل الرابع للنحلة الاعتزالية التى تكونت حول آرائه، والتى سميت البشرية نسبة إليه وذكرنا أن من أهم الأصول التى كان يعتنقها نظرية التولد، وكان يذهب فيها إلى أن كل ما يتولد من أفعالنا فينا أوفى غيرنا فهو فعلنا. وذكرنا أيضا أنه كان ينكر فكرة وجوب الأصلح على الله، إذ لا نهاية لطبقات الأصلح عند الذات العلية، ومن أجل ذلك يكون الذى يجب عليه
(١) انظر فى بشر وأخباره وأشعاره الحيوان ٤/ ٢٣٩ و ٦/ ٦٢، ٩٠، ٢٨٤ وما بعدها و ٤٠٥، ٤٥٥ والبيان والتبيين ١/ ١٣٥ وما بعدها وأمالى المرتضى ١/ ١٨٦ ولسان الميزان ٢/ ٣٣ وفهرس الانتصار لابن الخياط المعتزلى والأنساب للسمعانى: الشرى وفرق الشيعة للنوبختى ص ٣٥، ٣٧ وشرح نهج البلاغة لا بن أبى الحديد (طبعة الحلبى) ٣/ ٣١٦ والملل والنحل للشهرستانى ص ٤٤ والمواقف للإيجى (طبع بولاق) ص ٦٢٢ والفرق بين الفرق ١٤١ وضحى الإسلام ٣/ ١٤١ والمنية والأمل لابن المرتضى ص ٣١.