للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحيا الموتى إلى غير ذلك من مزاعم غير صحيحة. ونقف عند ثلاثة من أعلام الدعوة الإسماعيلية هم ابن هانئ والمؤيد فى الدين وظافر الحداد.

ابن (١) هانى

هو محمد بن هانئ المهلبى الأندلسى، ينتمى إلى المهلب بن أبى صفرة الأزدى القائد المشهور فى زمن بنى أمية وواليهم فترة على خراسان، ويقال إنه من سلالة حفيده يزيد والى المنصور العباسى على إفريقية، وقيل: بل من سلالة أخيه روح واليها بعده. ويبدو أن أبناءهما ظلوا بعد وفاتهما بإفريقية، وكان من سلالتهما أبو الشاعر هانئ، إذ يقال أنه كان من قرية من قرى المهدية بتونس وكان شاعرا أديبا نزح إلى الأندلس داعيا-فيما يبدو-للمذهب الإسماعيلى هناك ونزل إشبيلية وفيها ولد له الشاعر سنة ٣٢٠ أو سنة ٣٢١ على اختلاف الروايات، وبها نشأ وعكف على الأدب، وتفتحت موهبته الشعرية مبكرة، فاتصل بصاحب إشبيليه وحظى عنده، غير أنه كان كثير الانهماك فى اللذات، واتهم بأنه يعتنق مذهب الفلاسفة، أو لعله اتهم باعتناقه المذهب الإسماعيلى متابعا فى ذلك أباه، وكانتا تعدان تهمتين خطيرتين هناك فنصحه ممدوحه بالغيبة عن البلدة مدة فبارحها إلى إفريقية فى السابعة والعشرين من عمره ونزل بجعفر بن على الأندلسى أمير الزاب وأخيه يحيى فأكرماه ومدحهما الشاعر مدائح بديعة بمثل قوله فى جعفر:

المشرقات النيّرات ثلاثة ... الشمس والقمر المنير وجعفر

وسمع به المعز فطلبه من جعفر وأخيه فلما وصل إليه بالغ فى الإنعام عليه وخاصة حين رآه يعتنق المذهب الإسماعيلى ويلجّج فى مديحه بمبادئ المذهب التى أسلفنا الكلام عنها، بل لكأنما اتخذ أشعاره أداة لتسجيلها فى صور مغالية غلوا شديدا. وكان شاعرا مبدعا فأبدع فى مدائحه، كما أبدع فى مديح قواده وخاصة فى جوهر الصقلى فاتح مصر، وله فيه حين يمّم بجيشه مصر من القيروان عينية رائعة استهلّها بقوله:


(١) انظر فى ابن هانئ وترجمته وشعره كتاب التكملة لابن الأبار ص ١٠٣ والمطمح للفتح بن خاقان ص ٧٤ والمطرب لابن دحية (الفهرس) والجذوة للحميدى: ٨٩ وبغية الملتمس رقم ٣٠١ ونفح الطيب (الفهرس) والإحاطة للسان الدين ٢/ ٢١٢ والمغرب لابن سعيد (طبع دار المعارف) ٢/ ٩٧ ومعجم الأدباء ١٩/ ٩٢ وابن خلكان ٤/ ٤٢١ وعبر الذهبى ٢/ ٣٢٨ والشذرات ٣/ ٤١ وديوانه طبع قديما بالهند.

<<  <  ج: ص:  >  >>