للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السّميسر (١)

هو خلف بن فرج الإلبيرى، من أعلام الشعراء فى زمن أمراء الطوائف، اشتهر بالشعر وخاصة إذا هجا وقدح، وكأنما تخصص بالقدح والهجو فى أهل زمنه، حتى ليكتب فى هجائهم كتابا فى مجلدات سماه «شفاء الأمراض فى أخذ الأعراض». وكانت كورته إلبيرة وعاصمتها غرناطة بيد الأمير عبد الله بن بلقين الصنهاجى منذ سنة ٤٦٧ وكان السميسر ينظر حوله، فيجد أمراء الطوائف غارقين فى ملاهيهم بين الكاس والطاس متنابذين متخاصمين، بينما أفواه ألفونس وملوك النصارى فاغرة تريد أن تلتقم بلدانهم، وإنهم ليرهبونهم حتى ليدفعون لهم الإتاوات، مما جعله يهتف بهم قائلا:

ناد الملوك وقل لهم ... ماذا الذى أحدثتم

أسلمتم الإسلام فى ... أسر العدا وقعدتم

وجب القيام عليكم ... إذ بالنّصارى قمتم

لا تنكروا شقّ العصا ... فعصا النبىّ شققتم

فهو يدعو أهل الأندلس إلى الثورة-أو إلى القيام كما يقول-على أمرائهم الذين أحدثوا أحداثا منكرة مسلمين أموال البلاد إلى العدو، واضعين أيديهم فى يده، بل إنهم ليستعدون به بعضهم على بعض متخذين منه العون والنصير فى حكم إماراتهم، شاقين بذلك عصا الإسلام ورسوله. ويهتف بأمير غرناطة وقبيلته صنهاجة أن يتداركوا الأمر، ولكن لا حياة لمن ينادى، فعبد الله بن بلقين غارق فى تشييد قلعة يتحصّن بها عند نزول كارثة فيقول فيه ساخرا:

يبنى على نفسه سفاها ... كأنه دودة الحرير

فهو-فى رأيه-كدودة القزّ لا تزال تنسج حولها معقلا لها وهو ليس معقلا بل عقالا تلفّه حولها وتموت فيه، ويكرر هتافه بالأمير وقبيلته، ولا سميع ولا مجيب، فيهجو صنهاجة والبرابر جميعا بمثل قوله:


(١) انظر فى ترجمة السميسر وشعره الذخيرة ١/ ٨٨٢ وما بعدها، ونفح الطيب ٣/ ٢٢٧، ٢٩١، ٤١٢، ٤/ ١٠٨ والحميدى ص ١٩٣ والخريدة ٢/ ١٦٧ والمطرب لابن دحية ص ٩٣ والمغرب ٢/ ١٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>