للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - الأيوبيون (صلاح الدين) -المماليك-العثمانيون]

(ا) الأيوبيون (١) (صلاح الدين)

استقرت أمور الحكم وشئون الدولة فى مصر بيد صلاح الدين سنة ٥٦٧ للهجرة، فعاد بمصر إلى الخلافة العباسية، وسار فى نفس السنة لحرب حملة الصليب فحاصر الشوبك ورفع الحصار عنها، وعاد إليها فى السنة التالية ثم تركها إلى مصر. وتوفى نور الدين كما ذكرنا وأخذ يفكر جادا فى جمع كلمة البلدان المجاورة للصليبيين حتى يقضى عليهم قضاء مبرما. وخرج من مصر فى سنة ٥٧٠ فاستولى على حمص وحماة والمعرة وكفرطاب، ويولّى على حماة أخاه تقى الدين وعلى بعلبك ابن أخيه فرّخشاه ويستولى على منبج وإعزاز ويواقع الصيلبيين فى السنوات: ٥٧٣ و ٥٧٤ و ٥٧٥ وينصره الله عليهم نصرا عظيما. ويستولى على الموصل، وتبلغه وفاة إسماعيل بن نور الدين.

ويخرج إلى الشام سنة ٥٧٨ فى جيش جرار لجهاد حملة الصليب، وهى آخر مرة يفارق فيها مصر لحربهم ويظل ينازلهم عشر سنوات طوالا، وتتبعه حلب ويولى عليها ابنه الملك الظاهر. وفى سنة ٥٨٢ يقسم البلاد بين أبنائه وأهله فيعطى مصر ابنه العزيز عثمان وكان قد أعطى الظاهر حلب، ويعطى للأفضل ابنه دمشق ويعطى حماة والمعرة ومنبج لابن أخيه تقى الدين عمر، وسيتوالى هذا التوزيع. وهو من أكبر أغلاط صلاح الدين فإن بساطا قد يتسع لنوم عشرة من الرجال ولكن مملكة ضخمة لا تتسع لسلطان حاكمين، ولذلك لم تكد تمضى سنة على وفاته حتى دب الخلاف بين أبنائه ثم بين أمراء أسرته. ويغفر له ذلك بلاؤه العظيم فى حرب حملة الصليب المعتدين.

ويقود صلاح الدين فى سنة ٥٨٣ جحافل جرّارة ويتجه بها نحو طبرية، وتتجمع له حشود الصليبيين بقيادة جاى لوزيجنان ملك بيت المقدس وتلتقى سريّة له فى حيفا بجماعة من الداوّية والإسبتارية الذين نذروا أنفسهم لحرب المسلمين فلا تبقى منهم باقية، ويلتقى الجمعان فى سهل حطّين إلى الغرب من بحيرة طبرية، وتدقّ أعناق حملة الصليب دقا شديدا ويفرّ على وجهه ريموند


(١) انظر فى الأيوبيين وصلاح الدين كتب التاريخ العام: ابن الأثير وابن خلدون وخطط المقريزى ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزى، ومفرج الكروب لابن واصل والروضتين وذيل الروضتين لأبى شامة والفيح القسى فى الفتح القدسى والبرق الشامى للعماد الأصبهانى وسيرة صلاح الدين لابن شداد، وابن خلكان فى تراجم صلاح الدين وسلاطين الدولة الأيوبية. وتاريخ الشعوب الإسلامية لبر وكلمان ص ٣٥٠ عدا ما كتب عن صلاح الدين فى العربية حديثا وفى اللغات الأجنبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>