للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد نالته محنة فى عهد ابن هود صاحب مرسية (٦٢٥ - ٦٣٥) وغرّب عن غرناطة إلى أن مات ابن هود فعاد إليها وهو يردد (١):

وإنّى من عزمى وحزمى وهمتّى ... وما رزقته النفس من كرم الطّبع

لفى منصب تعلو السماء سماته ... فتثبت نورا فى كواكبها السّبع

تدرّعت بالصبر الجميل وأجلبت ... صروف الليالى كى تمزّق لى درعى (٢)

فما ملأت قلبى ولا قبضت يدى ... ولا نحتت أصلى ولا هصرت فرعى (٣)

فإن عرضت لى لا يفوه بها فمى ... وإن زحفت لى لا يضيق لها ذرعى (٤)

ونفس سهل-حقّا-كانت نفسا كبيرة لم تنكسر لما نزل به من محنة، بل ظل رابط الجأش قوىّ النفس أمام صروف الدهر وهمومه إلى وفاته سنة ٦٣٩. ولابن (٥) جزىّ الماز ذكره المتوفى سنة ٧٨٥:

وكم من غادة كالشمس تبدو ... فيسلى حسنها قلب الحزين

غضضت الطّرف عن نظرى إليها ... محافظة على عرضى ودينى

وهو يفتخر بعفافه، وليوسف الثالث سلطان غرناطة فخر كثير وسنخصه بكلمة، ولم نعرض لفخر الأندلسيين بأشعارهم، وهو عندهم-كما عند المشارقة-كثير، وحسبنا الآن أن نقف عند ثلاثة من شعرائهم فسحوا للفخر فى أشعارهم، وهم سعيد بن جودى وعبد الملك بن هذيل ويوسف الثالث.

سعيد (٦) بن جودى السعدىّ

هو سعيد بن سليمان بن جودى بن أسباط بن إدريس السعدى من هوازن من جند


(١) الذيل والتكملة للمراكشى (بقية السفر الرابع-تحقيق د. إحسان عباس) ص ١٠٣ وراجع فى ترجمته التكملة رقم ٢٠٠٧ واختصار القدح المعلى ص ٦٠
(٢) أجلبت: أحدثت جلبة وصخبا، كناية عن تكاثرها
(٣) هصرت فرعى: كسرته، كناية عن أن صروف الليالى انزاحت عنه دون أن تنال منه.
(٤) الذرع: الطاقة.
(٥) أزهار الرياض ٣/ ١٨٦.
(٦) انظر فى ترجمة سعيد بن جودى المقتبس: الجزء الخاص بالأمير عبد الله (راجع الفهرس) والحميدى ص ٢١٣ والبغية ص ٢٩٤ والحلة السيراء لابن الأبار ١/ ١٥٤ وما بعدها وأيضا فى ترجمة سوار بن حمدون السابقة لترجمته والمغرب ٢/ ١٠٥ وأعمال الأعلام لابن الخطيب ص ٣٥ والإحاطة ٤/ ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>