للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يا معشر الأزد وربيعة أنتم إخواننا فى الدين وشركاؤنا فى الصّهر وأشقّاؤنا فى النسب وجيراننا فى الدار، ويدنا على العدو. والله لأزد البصرة أحبّ إلينا من تميم الكوفة، ولأزد الكوفة أحب إلينا من تميم الشام، فإن استشرى (١) شنآنكم، وأبى حسك (٢) صدوركم ففى أموالنا وأحلامنا سعة لنا ولكم».

ونزلت الكلمة على الأزد بردا وسلاما، فأغمدت الأسنة وحقنت الدماء.

وعلى هذا النحو تثبت خطب الأحنف وسيرته صدق فراسة ابن الخطاب فيه، إذ اعتبره سيد قومه وخطيب مصره.

[٤ - خطباء الوعظ والقصص]

نشط الوعظ والقصص الدينى فى هذا العصر نشاطا عظيما، فقد كان الوعّاظ والقصّاص فى كل بلدة إسلامية لا ينون عن وعظ المسلمين، وقد أفرد لهم الجاحظ فى بيانه صحفا كثيرة، أورد فيها أسماء طائفة من مبرّزيهم وكثيرا مما كانوا يعظون به الناس. ومن أشهر من وقف عندهم هو وغيره من أصحاب كتب الأدب والتاريخ الأسود بن سريع وهو أول من قصّ بالبصرة (٣)، وكان يقابله فى الكوفة زيد (٤) بن صوحان وفى المدينة عبيد بن عمير (٥) وكان عبد الله بن عمر يتأثر بقصصه ووعظه حتى ليبكى من شدة تأثره. ومن القصّاص أيضا إبراهيم (٦) التّيمى الكوفى وسعيد بن جبير، وكان يقص بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر (٧)، ومسلم (٨) بن جندب قاصّ مسجد المدينة، وذرّ (٩) بن عبد الله، وكان بليغا، وهو الذى كان يقصّ فى جند ابن الأشعث حاثّا الناس على حرب الحجاج، ومطرّف


(١) استشرى: تفاقم. الشنآن: العداوة.
(٢) حسك الصدور: الحقد.
(٣) ابن سعد ج ٧ ق ١ ص ٢٨.
(٤) ابن سعد ج ٦ ص ٨٤.
(٥) ابن سعد ج ٥ ص ٣٤١ والبيان والتبيين ١/ ٣٦٧.
(٦) ابن سعد ج ٦ ص ١٩٩.
(٧) ابن سعد ج ٦ ص ١٧٨.
(٨) البيان والتبيين ١/ ٣٦٧.
(٩) انظر فى مواعظه عيون الأخبار ٢/ ٢٩٨ والعقد ٣/ ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>