للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومرّ بنا فى كتاب العصر العباسى الأول كيف أن كثيرين من شعراء بغداد عنوا باستحداث نمط شعرى جديد هو الشعر التعليمى، فى مقدمتهم أبان بن عبد الحميد الذى ترجم كليلة ودمنة شعرا ونظم قصائد طويلة فى الفقه والمنطق والتاريخ ومبدأ الخلق.

ويستمر هذا النمط الجديد فى العصر العباسى الثانى على لسان ابن الجهم وابن المعتز وابن دريد، حتى إذا كنا فى هذا العصر اتسعت موجته وشملت جميع أنواع المعارف والعلوم.

ومرّ بنا فى ترجمة ابن السراج أنه نظم أربعة كتب فقهية. ويذكر ابن الجزرى فى كتابه طبقات القراء أن أبا الخطاب بن الجراح على بن عبد الرحمن المتوفى سنة ٤٩٧ نظم كتابا فى القراءات (١)، ونظم الحريرى صاحب المقامات ملحة الإعراب فى النحو وأبوابه وقواعده وهى مطبوعة. ونظم ابن أبى الحديد فصيح ثعلب وهو مطبوع، ونظم فخر الدين بن الفصيح مدرس العربية فى المستنصرية المتوفى سنة ٧٥٥ كتاب الكنز فى الفقه والسراجية فى الفرائض وقصيدة طويلة فى القراءات (٢)، وهو باب يطول ويتسع إن نحن حاولنا حصر ما نظم من العلوم والمعارف على مر الحقب لهذا العصر، ونقف قليلا عند شاعر متفلسف وشاعر تعليمى، وهما على الترتيب ابن الشّبل البغدادى وابن الهبّارية.

ابن الشّبل البغدادى (٣)

هو أبو على الحسين بن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن الشّبل، مولده ومنشؤه ببغداد وبها توفى سنة ٤٧٤ ومن المؤكد أنه اختلف إلى مجالس المتفلسفين فى زمنه، من أمثال يحيى ابن عدى، وأخذ عنهم كل ما كانوا يعرفونه من فلسفة وطب وفلك وتنجيم، ويقول ياقوت: «كان متميزا بالحكمة والفلسفة خبيرا بصناعة الطب أديبا فاضلا وشاعرا مجيدا. .

وهو صاحب القصيدة الرائية التى نسبت إلى الشيخ الرئيس ابن سينا وليست له، وقد دلت على علو كعبه فى الحكمة والاطلاع على مكنوناتها وقد سارت بها الركبان، وتداولتها الرواة» وهو يستهلها بقوله:

بربّك أيها الفلك المدار ... أقصد ذا المسير أم اضطرار

مدارك قل لنا فى أىّ شئ ... ففى أفهامنا منك انبهار


(١) غاية النهاية فى طبقات القراء ١/ ٥٤٨.
(٢) النجوم الزاهرة ١٠/ ٢٧٧ والعزاوى ١/ ٣٢٧
(٣) انظر فى ترجمة ابن الشبل وشعره الدمية ١/ ٣٥٢ ومعجم الأدباء ١٠/ ٢٣ وابن أبى أصيبعة ٣٣٣. وفوات الوفيات ٢/ ٣٩٣ وسماه محمد بن الحسن بن عبد الله ابن الشبلى وذكر أن وفاته كانت فى سنة ٤٧٣ وراجع الوافى بالوفيات ٣/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>