للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكم ظبى من الإنس ... مليح فيك مرعاه

نصبنا الفخّ بالعلم ... له فيك فصدناه

وكم من طالب للشّع‍ ... ر بالشعر طلبناه

فظن أنه وقع على وصمة كبرى، وذهب يقول إن الشاعر يحكى كيف كان يغوى الصبيان فى الجامع المذكور ويستنزل العاصى الصعب منهم (١). والدليل على أنه لم يكن خالص النية فى حكمه أنه أنشد القصيدة وأسقط منها هذين البيتين:

ألا يا طالب الأمر ... د كذب ما ذكرناه

فلا يغررك ما قلنا ... فما بالجدّ قلناه

فالمفجّع إنما قال ما قال من هذه القصيدة كذبا وبهتانا وعبثا ودعابة، فكان يحسن بمتز أن لا يسوقها فى مجال الحديث عن التولع بالغلمان ونصب الشباك لهم وأين؟ فى المساجد الطاهرة، فالمفجع إنما أراد إلى أن يدفع سامعيه إلى الفكاهة والضحك العريض. ولم يطل به المقام فى مكان أستاذه ابن دريد يملى ويحاضر الطلاب، فما هى إلا ست سنوات بعد وفاة ابن دريد حتى لبّى نداء ربه سنة ٣٢٧ للهجرة.

[٣ - شعراء الثورات السياسية]

لم تكن ثورات الشيعة بزعامة العلويين وحدها هى التى أقضّت مضاجع الخلفاء فى هذا العصر، فقد اشتعلت بجانبها ثورات أخرى، كان بعضها يزيف لنفسه شعارا علويّا حتى يجمع العامة فى صفوفه وتحت لوائه. وكان من زعماء هذه الثورات من ينظم الشعر، فهو ثائر من جهة، وهو شاعر من جهة ثانية. ويهمنا الوقوف


(١) انظر الحضارة الإسلامية فى القرن الرابع الهجرى ٢/ ١٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>