للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥ - أحداث مختلفة]

لعل أهم ما أمر به المتوكل فى أوائل خلافته وقف القول بخلق القرآن وإنهاء حمل الناس بالقوة عليه وما كان من العنف بجلّة الفقهاء السّنيين وفى مقدمتهم أحمد ابن حنبل ممن رفضوا اعتناق هذا القول، وكانت المحنة بذلك بدأت-كما مرّ فى كتابنا العصر العباسى الأول-منذ عصر المأمون سنة ٢١٢، إذ جعل القول بخلق القرآن عقيدة رسمية للدولة وكتب إلى الآفاق بامتحان الفقهاء فيها، فمن لم يعلن جهارا اعتناقه لها ضرب وقيّد وأرسل إلى بغداد لمحاكمته وحبسه. وتظل المحنة قائمة فى عهد المعتصم، وإن خفّت حدّتها كثيرا، ثم تعود إلى الاشتداد لعهد الواثق ويعود معها العنف بالفقهاء ممن لا يجاهرون بأن القرآن مخلوق. حتى إذا ولى المتوكل أمر بوقف هذا العنف وكل ما اتصل به من امتحان وأن يترك الناس الخوض فى ذلك ويهتموا بالحديث والسنة (١). وبذلك هيأ لأن يأفل شأن الاعتزال ورجاله الذين دفعوا إلى هذه المحنة وظلوا يمدونها بالحطب الجزل، حتى أطفأ المتوكل نارها المشتعلة وأحالها رمادا، وكان لذلك أثر بعيد فى الحياة العقلية والفنية، فقد أفل نجم المعتزلة أصحاب الفكر الحر، وتألق نجم أهل السنة المحافظين، وأخذ الذوق المحافظ يسود فى كل شئ فى الشعر وفى الغناء، وحتى فى الدراسات الدينية، إذ ظهر مذهب داود الظاهرى الذى يرفض القياس.

وثار فى أذربيجان لسنة ٢٣٤، محمد بن البعيث وقضى على ثورته.

وتدخل سنة ٢٣٦، فيأمر المتوكل بهدم قبر الحسين فى كربلاء وهدم ما حوله من المنازل والدور وأن يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره ويمنع الناس من إتيانه، فحرث الموضع وزرع ما حواليه حتى يزول أثره، وحلت بذلك محنة عظيمة على آل أبى طالب وشيعتهم. ويقول المسعودى إنه حين انتهى الفعلة إلى الحفرة وموضع اللحد لم يروا فيه أثر جثة ولا غيرها (٢). ويقول الطبرى: نودى فى


(١) مروج الذهب ٤/ ٣ والنجوم الزاهرة ٢/ ٢٧٥
(٢) مروج الذهب ٤/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>