للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس: من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة بعثنا به إلى السجون، فامتنع الناس من المصير إليه (١). وكان ذلك إنذارا شديدا للعلويين، فلم يتحرك منهم أحد لعهد المتوكل خشية بطشه، وبالمثل لم يتحرك الخوارج لا فى الموصل ولا فى خراسان.

وتظل الغزوات الصيفية للروم البيزنطيين-ويسمونها الصائفة-قائمة طوال عصر المتوكل، وينزلون فى سنة ٢٣٩ دمياط وينهبون كثيرا من الأمتعة والأموال، ثم يفرون إلى البحر المتوسط وما وراءه (٢). ويحاولون الإغارة على سميساط وبعض الثغور فى شمالى الشام والموصل، وينزل بهم على بن يحيى الأرمنى فى سنة ٢٤٥ هزائم متلاحقة (٣)، ويدور العام، فينكل بهم فى غزو الصائفة ويعود بأسلاب وغنائم كثيرة، كما ينكل بهم الفارس المغوار عمر بن عبد الله الأقطع وتكثر مغانمه، ويغزوهم الفضل بن قارن فى عشرين مركبا ويفتتح حصن أنطالية (٤).

وما يزال غزو صقلية مستمرّا فى عهد المتوكل منذ نزول العرب بها فى عصر المأمون حتى تستسلم نهائيّا (٥). وفى ديوان البحترى غزوة بحرية دمّر فيها أسطول المتوكل بقيادة أحمد بن دينار أسطول الروم لم يعرض لها المؤرخون (٦).

ويولّى المتوكل سنة ٢٣٧ محمد بن عبد الله بن طاهر الشرطة وأعمال السواد فى العراق ونيابته فى بغداد، وهى وظيفة تشبه وظيفة المحافظ لعصرنا، وظل يتولاها حتى وفاته سنة ٢٥٣ وظلت بعده فى بيته طويلا. وفى سنة ٢٤١ ثارت البجة فى شمالى السودان على والى مصر وامتنعت من دفع الخراج، واشتبك معها محمد بن عبد الله المعروف بالقمى فى سلسلة من المعارك توالت فيها انتصاراته، وما زال يقاتلهم حتى أنابوا إلى الطاعة وعادوا إلى أداء ما كانوا يؤدونه من الخراج (٧). وفى سنة ٢٤٤ غضب المتوكل على بختيشوع المتطبب وصادر أمواله وأمر بنفيه إلى البحرين (٨).

ويقول المسعودى: «كانت أيام المتوكل أحسن أيام وأنضرها من استقامة الملك وشمول الناس بالأمن والعدل» (٩).


(١) طبرى ٩/ ١٨٥.
(٢) طبرى ٩/ ١٩٣ وانظر العرب والروم لفازيلييف ترجمة محمد عبد الهادى شميرة ص ١٨٧.
(٣) طبرى ٩/ ٢١٨.
(٤) طبرى ٩/ ٢١٩.
(٥) العرب والروم ص ١١٥، ١٢٩، ١٨٠، ٢٢٨ وما بعدها.
(٦) ديوان البحترى (طبع دار المعارف) ٢/ ٩٨٠.
(٧) طبرى ٩/ ٢٠٣ وما بعدها.
(٨) طبرى ٩/ ٢١١.
(٩) مروج الذهب ٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>