للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلفه ابنه المنتصر فى شوال سنة ٢٤٧، وكانت خلافته قصيرة لم تزد على ستة أشهر، وفيها وجّه جيشا كثيفا بقيادة وصيف لغزو الصائفة (١). ولعل أهم أعماله أنه أمر بالكف عن العلويين وألا يمنع أحد من زيارة كربلاء والنجف وما بهما من قبور آل أبى طالب، وأمر بردّ أرض فدك فى الحجاز إلى أولاد الحسن والحسين، وأطلق أوقاف العلويين جميعا وأمر ألا يتعرض أحد لشيعتهم بأذى أو مكروه (٢). وخرج لعهده محمد بن عمرو الشارى بناحية الموصل، وتجمع حوله كثيرون من الخوارج تزعمهم وحضهم على الثورة وانضم إليهم كثيرون من الأكراد، فوجه إليه جيشا بقيادة سيما التركى، هزمه هزيمة ساحقة، وساقه مع طائفة من أصحابه أسيرا إلى سامرّاء، فقتلوا وصلبوا جميعا (٣). وفى عهده بدأ يعقوب ابن الليث الصفار ثورته فى سجستان وتحرك إلى هراة (٤).

ويتولى الخلافة المستعين بالله نحو ثلاث سنين وثمانية أشهر، وفى عهده يعود أبناء عمه الطالبيين إلى التحرك، فيخرج بالكوفة لسنة ٢٤٨ يحيى بن عمر الطالبى حفيد زيد بن على زين العابدين، ويرسل إليه المستعين بجيش كثيف يقضى على ثورته ويقتل ويحمل رأسه إلى بغداد ويصلب ويبكيه كثير من الشعراء لورعه وتقواه (٥)، وجيمية ابن الرومى فى رثائه والتفجع عليه مشهورة، وفيها يقول:

سلام وريحان وروح ورحمة ... عليك وممدود من الظل سجسج (٦)

وفى سنة ٢٥٠ يخرج الحسن بن زيد، وهو من حفدة زيد بن على زين العابدين ابن على بن أبى طالب، وكان خروجه بطبرستان ويغلب هناك على بلاد الديلم جميعها (٧)، ويظل ثابتا لجيوش الدولة العباسية حتى يلبى نداء ربه لعهد المعتمد سنة ٢٧٠ ويخلفه من بعده أخوه محمد (٨). ويخرج على المستعين علويون مختلفون


(١) طبرى ٩/ ٢٤٠ والعرب والروم ص ٢١٧.
(٢) مروج الذهب ٤/ ٥١.
(٣) طبرى ٩/ ٢٥٥ ومروج الذهب ٤/ ٥٣.
(٤) طبرى ٩/ ٢٥٥.
(٥) طبرى ٩/ ٢٦٦ ومروج الذهب ٤/ ٦٣ والفخرى ص ٢٤٠.
(٦) سجسج: معتدل لا حار ولا شديد البرد.
(٧) طبرى ٩/ ٢٧١ ومروج الذهب ٤/ ٦٨.
(٨) طبرى ٩/ ٦٦٦ ومروج الذهب ٤/ ٦٨، ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>