للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرّى وقزوين والكوفة ويقضى عليهم جميعا (١). ويتحرك بعض الخوارج ويلقاهم المصير نفسه (٢). وتحدث حينئذ أكبر فاجعة أصابت الغزاة المقاتلين فى جبهة الروم إذ استشهد فى سنة ٢٤٩ بطلان مغواران من أهل البأس والنجدة والمكيدة فى الحروب، هما عمر بن عبيد الله الأقطع وعلى بن يحيى الأرمنى اللذان طالما دوّخا الروم وأنزلا بهم هزائم ساحقة، أما عمر فكان يغزو الصائفة فى جمع من أهل ملطية فلقيه إمبراطور بيزنطة فى جيش جرار بلغ خمسين ألفا، ونشب القتال بينهما، واستبسل عمر فى الجموع القليلة التى كانت معه استبسالا رائعا، ولكنهم استطاعوا لكثرتهم أن يحيطوا به، فاستشهد فى ألف من المسلمين الأبرار، بعد أن أبلوا فى المعركة بلاء عظيما. وأما على فكان قد انصرف من الثغور إلى ديار بكر شمالى العراق، وجاءه نعىّ عمر المفجع، فاستشاط غضبا وأسرع إليه فى أربعمائة مقاتل، وهو لا يعلم عدّة الروم، فأحاطوا به مثل صاحبه، ومضى إلى ربه شهيدا (٣)

وبويع بالخلافة المعتز فى المحرم من سنة ٢٥٢ وفى عهده أوقع مفلح بعبد العزيز ابن أبى دلف الثائر بالكرج وهزمه هزيمة نكراء (٤)، ودخل مفلح لسنة ٢٥٥ طبرستان، وهزم الحسن بن زيد العلوى وأحرق منازله، وفر الحسن إلى الديلم، وتوجه مفلح نحوه (٥). وعلا حينئذ شأن يعقوب بن الليث الصفار، واستولى على كرمان وفارس (٦). وأقطع المعتز حاجبه بايكباك مصر لسنة ٢٥٤ فولى عليها أحمد بن طولون، وسرعان ما أسس بها الدولة الطولونية.

وتولّى الخلافة المهتدى فى سنة ٢٥٥ ومكث فى الخلافة أحد عشر شهرا، وكان صالحا تقيّا عادلا طاهر السيرة، أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وحرّم الشراب والاختلاف إلى القيان للسماع، وبنى قبة جلس فيها لاستقبال العام والخاص، والنظر فى المظالم وأقل من المطعم والمشرب، وكان يخطب بنفسه خطبة الجمعة ويؤم الناس فى المسجد الجامع، وكانت الخلفاء قبله تنفق على موائدها فى كل يوم


(١) مروج الذهب ٤/ ٦٩.
(٢) طبرى ٩/ ٣٠٨.
(٣) طبرى ٩/ ٢٦١ ومروج الذهب ٤/ ١٢٥ والعرب والروم ص ٢٢٠، ٢٢٤.
(٤) طبرى ٩/ ٣٧٣.
(٥) طبرى ٩/ ٣٨٢.
(٦) طبرى ٩/ ٣٨٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>