للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبناء أسرته. وبأخرة من عهد هذه الدولة نجد المحدث الكبير أبا الحسن الشارى السبتى المتوفى فى سنة ٦٤٩ يشيد مدرسة بسبتة ويقف عليها من خيار أملاكه وعقاراته ما يفى بالإنفاق عليها، ويلحق بها مكتبة نفيسة.

واتسع تشييد المدارس وتأسيسها فى عهد الدولة المرينية، ويقول ابن مرزوق فى كتابه عن السلطان أبى الحسن المرينى المسمى بالمسند الصحيح أن السلطان عثمان أبا سعيد والد أبى الحسن أنشأ بفاس مدرستى العطارين والمدينة البيضاء الملحقة بفاس وأن أبا الحسن ابنه أنشأ مدرسة الصهريج فى الشطر الأندلسى ومدرسة داخل جامع القرويين فى الشطر المقابل وتعرف باسم مدرسة مصباح أول أساتذتها، وأنشأ مدرسة ثالثة فى الوادى كما أنشأ فى كل بلد من بلدان المغرب الأقصى وما تبعه من بلدان المغرب الأوسط (الجزائر) مدرسة: فى مكناس وتازة وسبتة وأنفة وأزمّور وأسفى وأغمات ومراكش ووقف عليها أوقافا كثيرة وألحق بها مكتبات نفيسة. ويقول الحسن الوزان بأخرة من عهد المرينيين إن فى فاس وحدها إحدى عشرة مدرسة، وقد تحوى المدرسة مائة غرفة أو أكثر، ولجميع الأساتذة رواتب ممتازة، ويذكر أن بمكناس ثلاث مدارس وكذلك بتازة، ويذكر طريقة التعليم فى تلك المدارس لعهده، فيقول إن الأستاذ يكلف تلميذا فى بدء الدرس بقراءة النص، ثم يأخذ فى تفسيره وبيان دلالات كلمه مضيفا إليه بعض آرائه مع بيان ما يوجّه إلى النص من اعتراضات، ويتحاور الطلاب ويتناقشون فى معانى النص ودلالاته، ويشترك الأستاذ معهم فى المناقشة والحوار.

وواضح أنه لم ينته العصر المرينى إلا وكان المغرب الأقصى فى أواخر هذا العصر قد اكتظ بالمدارس وبما تخرّج من شباب العلماء فى كل فن وعلم، ولعل هذا ما جعل المؤرخين لا يعنون بالحديث عما أنشأ السعديون والعلويون فيما بعد من مدارس إذ كانت سنّة أو فريضة متبعة.

[الزوايا]

لم يكن المغرب الأقصى يعرف الزوايا المتعلقة بالمتصوفة والنساك قبل القرن السابع الهجرى إذ كان يطلق عليها اسم أربطة جمع رباط مثل رباط عبد الله بن ياسين الذى تنسك فيه مع بعض رفاقه كما مرّ فى حديثنا عن قيام دولة المرابطين. وربما كانت أول زاوية عرفها المغرب الأقصى زاوية أبى محمد صالح التى أقيمت فى منتصف القرن السابع الهجرى بمدينة آسفى على المحيط: ويقال بل كانت تسمى رباطا وأن الزوايا إنما أخذت تعرف بالمغرب الأقصى فى القرن الثامن الهجرى على نحو ما يذكر ذلك ابن مرزوق فى كتابه عن السلطان المرينى أبى الحسن وإنشائه الزوايا، ومع ذلك لم يذكر له زاوية أنشأها، وذكر زاوية أبى زكريا يحيى بن عمر بسلا.

وفى كتاب الشعر الدلائى للسيد عبد الجواد السقاط زاوية أسست بدرعة فى القرن الثامن

<<  <  ج: ص:  >  >>