الحلوى، مع إكثاره من دعاء ربه أن ينيله «كبابا» ودواء من الحلوى والخشاف. ومازال ذلك دأبه فى أشعاره حتى توفى سنة ١١٧٣ للهجرة.
[٦ - شعراء شعبيون]
ليس معنى هذا العنوان أن شعراء مصر لهذا العصر ينقسمون إلى شعبيين وغير شعبيين، فشعراؤها جميعا كانوا شعبيين إذا أردنا من نشأوا فى بيئات شعبية ولم يكونوا من أبناء القصور أو من الطبقات الأرستقراطية. ونستطيع أن نستثنى فقط تميم بن المعز أول خلفاء الدولة الفاطمية بمصر، فهو وحده الذى نستطيع أن نقول عنه إنه نشأ فى ترف ونعيم، أما بعد ذلك فالشعراء كانوا من أبناء الشعب، وكثيرون منهم كانوا من طبقته الدنيا التى تمتهن الحرف والصناعات، بل هم أنفسهم كانوا يمتهنون تلك الصناعات والحرف على نحو ما مر بنا فى حديثنا عن ظافر الحداد وأنه نشأ حدادا، وتفجر ينبوع الشعر على لسانه، فترك عالم الحدادة إلى عالم الشعر والفن. ويلقانا كثيرون من هؤلاء الشعراء المحترفين حرفا متنوعة مثل الجزار والوراق ومجاهد الخياط والحمامى الذين عرضنا لهم فى حديثنا عن شعراء الفكاهة.
ومعنى ذلك أننا لا نريد أن نتحدث عن شعبية شعراء العصر بهذا المعنى من نشأتهم فى الأوساط الشعبية، فهى نشأة مشتركة تجعلهم جميعا شعراء شعبيين، إنما نريد معنى أدق من ذلك معنى يتصل بلغة طائفة من شعراء مصر فى العصر رأوا أن ينظموا بلغة الحياة اليومية حتى يصلوا مباشرة إلى التأثير فى الناس باستخدام العامية لغتهم فى التخاطب اليومى. وكانت قد نشأت فى البلاد العربية فنون شعرية عامية، هى الزجل أنشأته أو استحدثته الأندلس، والمواليّا استحدثه أهل واسط بالعراق، والكان وكان استحدثته بغداد ومثله القوما. وسرعان ما شاعت هذه الفنون فى العالم العربى وخاصة الزجل والمواليا.
والزجل أنواع منه ما يسمى بالاسم الأصلى وهو الزجل ويختص بالغزل والنسيب والخمر والطبيعة، ومنه ما سمّته مصر بلّيقا وجمعته على بلاليق، وهو ما تضمن الغزل أو الخلاعة والأحماض، ومنه ما سمّى قرقيّا وهو ما تضمن الهجاء أو الهزل، ومنه ما سمّى مكفّرّا وهو ما تضمن المواعظ والحكمة، وكأنهم اشتقوه من تكفير الذنوب. ومرّ بنا أن الشريف العقيلى فى القرن