للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس كان يختم كل قافية من قوافى ديوانه بأبيات مكفّرة لما قدم فى القافية من مجون.

وأخذت مصر منذ القرن السادس الهجرى تشترك فى صنع الزجل بأنواعه السابقة، وأخذت تلّطف أساليبه وأوزانه حتى بلغت فيه غاية لا تكاد تدرك، وكما أقبلت على الزجل بالمعنى العام أقبلت على البلّيق وهو زجل هزلى ويقول ابن سعيد فى منتصف القرن السابع الهجرى: «كان بالفسطاط جماعة يصنفون البلّيق، وهو على طريقة الزجل الأندلسى، منهم ساكن البلّيقى، ومن بلّيقاته:

بسّى من الدين الثانى ... نرجع لدينى الحقانى

نرجع لدينى الأول ... عن النّسا لس نتحوّل

إن كنت ف ذا تتقوّل ... اصفع وقطّع آذانى

وهذا من الطراز العالى فى هذا الفن، وهو عنوان كاف عن غيره (١)». واشتهر فى القرن السابع ابن دقيق العيد ينظم البلاليق (٢) وممن اشتهر فى القرن الثامن بصنع البلاليق زين الدين القوصى وقد روى له ابن حجر بلّبقا (٣) ومثله سراج الدين عمر بن مولاهم، وقد روى له ابن تغرى بردى بلّيقا (٤) هزليا رقص به منشدوه بين يدى السلطان حسن، وفيه يقول:

من قال أنا جندى خلق ... فقد صدق

عندى قبا من عهد نوح ... على الفتوح (٥)

لو صادفوا شمس السطوح ... كان احترق

وقد أشار بقوله: «أنا جندى خلق» أى هرم إلى يلبغا مملوك السلطان وكان واقفا بين يديه، وأغرق السلطان فى الضحك واستعاد البلّيق مرارا. وبجانب البلاليق تلقانا أزجال كثيرة فى هذا العصر، من ذلك مطلع زجل رواه صفى الدين الحلّى، وكان قد نزل القاهرة فى العقد الثالث من القرن الثامن الهجرى، وهو يجرى على هذا النمط (٦):


(١) المغرب (قسم الفسطاط) ص ٣٦٥
(٢) انظر بعض بلّيقات ابن دقيق فى الطالع السعيد ص ٣٢٧
(٣) الدرر الكامنة ٣/ ١٤
(٤) النجوم الزاهرة ١٠/ ٣١٧ - ٣١٨.
(٥) القبا: ثوب يلبس فوق الثياب أو يتمنطق عليه.
(٦) العاطل الحالى لصفى الدين الحلى نشر ولهلم هو نرباخ بألمانيا ص ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>