أبوه داود بن على بن خلف الأصفهانى مؤسس المذهب الظاهرى فى الفقه، أصله من الكوفة ودرس ببغداد، واعتنق مذهب الإمام الشافعى. ومضى يجتهد حتى استطاع أن يؤسس له فى الفقه مذهبا مستقلا عن المذاهب الأربعة: المذهب الحنفى والمالكى والشافعى والحنبلى. وقد أقامه على رفض القياس والرأى والتقليد للأئمة المذكورين واشتقّ الأحكام الفقهية من ظاهر الكتاب والسنة. ولذلك سمى مذهبه باسم المذهب الظاهرى. وعنى بتربية ابنه محمد. وبدأ من ذلك بتحفيظه القرآن، ويقال إنه حفظه وله سبع سنوات. ثم دفعه إلى التأدب على ثعلب الإمام اللغوى والنحوى المشهور، وهو يروى فى كتاب الزهرة كثيرا من الأشعار عنه.
ولزم حلقة أبيه وتمثّل مذهبه ولما توفى سنة ٢٧٠ كان لا يجاوز السادسة عشرة من سنه، فخلفه على رياسة المذهب، ومضى يحاور ويجادل فيه العلماء وخاصة ابن سريج إمام المذهب الشافعى فى عصره. وكانت حلقة تدريسه تغصّ بالطلاب، وله مصنفات مختلفة فى المذهب الظاهرى. ومن أهم مصنفاته كتاب الزهرة الذى عنى نيكل وإبراهيم طوقان بنشر جزئه الأول. والكتاب كله مائة باب جعلها فى جزءين خصّ الأول منهما بالحب العذرى العفيف. وهو يتضمن خمسين بابا فى كل باب مائة بيت من الشعر، وبالمثل أبواب الجزء الثانى الخمسون. فكل منها يشتمل على مائة بيت. وأهمها ما دار فى تعظيم أمر الله عز وجل والتنبيه على نعمه وقدرته والتحذير من سطوته. ويهمنا فى حديثنا عن الغزل الجزء الأول، وهو فى الأبواب الأولى منه يتحدث عن أسباب الهوى، ثم يتلوها بأحواله من الفراق والشوق ويخص الأبواب الأخيرة بالحديث عن الوفاء، وعادة يضع للباب عنوانا مسجوعا مثل «من كثرت لحظاته دامت حسراته» و «ليس بلبيب من لم يصف ما به لطبيب» و «التذلل للحبيب من شيم الأديب». وهى عناوين غير مضبوطة.
(١) انظر فى حياة ابن داود وأشعاره تاريخ بغداد ٥/ ٢٥٦ ومروج الذهب للمسعودى ٤/ ٢٠٥ وابن خلكان والوافى بالوفيات للصفدى ٣/ ٥٨ ومرآة الجنان لليافعى ٢/ ٢٢٨ وطبقات الشافعية للسبكى فى ترجمة ابن سريج ٣/ ٢٣ وما بعدها، وطبع له الجزء الأول من كتاب النزهة بيروت.