للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن (١) جابر الأندلسى

هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جابر الهوارى، من أهل المرية ولد بها سنة ٦٩٨ وحفظ القرآن واختلف إلى الشيوخ من مثل ابن أبى العيش فى العربية ومحمد بن سعيد الرندى فى الفقه وأبى عبد الله الزواوى فى الحديث. وكان كفيف البصر، ورأى أن يستتم ثقافته بالرحلة إلى الديار المصرية والشامية، وصحبه صديقه أبو جعفر أحمد بن يوسف الغرناطى، فكان ابن جابر ينظم وأبو جعفر يكتب. وحجّا وعادا إلى الشام، وسمع ابن جابر بدمشق على شيوخ عصره، واتجه مع صاحبه فى سنة ٦٤٣ إلى حلب وتغلغلا شماليها حتى ماردين (٢)، إذ يذكر ابن بطوطة فى رحلته عن سلطان ماردين ابن الملك الصالح أنه كان بحرا فياضا فى الكرم، يقصده الشعراء والفقراء من الصوفية فيجزل عطاياهم، ويقول إنه قصده أبو عبد الله محمد بن جابر الأندلسى الهوارى الكفيف مادحا، فأعطاه عشرين ألف درهم. وعاش طويلا فى حلب وتوفى بإلبيرة سنة ٧٨٠. وقد أكثر من النظم فى المديح النبوى، وله فيه ديوان سماه «العقدين فى مدح سيد الكونين» وبالمكتبة التيمورية مخطوطة منه. وله بجانب ذلك مشاركة خصبة فى الشعر التعليمى إذ نظم فيه فصيح ثعلب وكفاية المتحفظ وغير ذلك، وله بديعية اشتهرت بين البديعيات، وهى قصائد فى المديح النبوى، عارض بها أصحابها-منذ صفى الدين الحلّى-بردة البوصيرى الميمية، وأودعوا كل بيت فيها لونا-وأحيانا لونين-من ألوان البديع، وشرحها رفيقة فى رحلته أبو جعفر الغرناطى، واشتهرت باسم بديعية العميان وقد سمّاها:

«الحلة السّيرا (٣) فى مدح خير الورى» وفى النفح طائفة كبيرة من نبوياته، منها مقصورة فى نحو ثلاثمائة بيت نقتطف منها قوله:

إنّ رسول الله مصباح هدى ... يهدى به من فى دجى الليل مشى

إن تحسب الرّسل سماء قد بدت ... فإنّه فى أفقها نجم هدى

وإن يكونوا أنجما فى فلك ... فإنّه من بينهم بدر بدا


(١) انظر فى ابن جابر وترجمته وشعره نكت الهميان ص ٢٤٤ والإحاطة ٣/ ٣٣٠ والدرر الكامنة لابن حجر ٤/ ٤٢٩ وشذرات الذهب ٦/ ٢٦٨ ونفح الطيب ٢/ ٦٦٤ - ٦٩٠، ٧/ ٣٠٢ - ٣٧٠.
(٢) ماردين: قرية بتركيا الآن.
(٣) السّيرا: المخطّطة خطوطا بديعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>