للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحسن أخلاقا من الرّوض إذا ... ما اختال فى برد الصّبا أو ارتدى

تفديه نفسى من شفيع للورى ... وقلّت النفس له منّى فدا

وقد بدأ ابن جابر المقصورة بالغزل وضمنها فى تضاعيف المديح النبوى كثيرا من الخواطر والحكم، وفصّل القول فى شمائل الرسول ومعراجه ومعجزاته، وتحدث عن الدهر وسطواته بأولى البأس والدول، كما تحدث عن حجه إلى البيت الحرام وزيارته بعده للرسول واكتحال عينيه بنور قبره، ويقول إنه ملاذه وعدّته وذخره لربه. وأنشد له المقرى مدحة من غرر مدائحه للرسول ورّى فيها بسور القرآن الكريم، ويقول المقرى:

لو لم يكن له فى مديحه سواها لكفى، وهى تمضى على هذا النحو:

فى كلّ فاتحة للقول معتبره ... حقّ الثّناء على المبعوث بالبقره

فى آل عمران قدما شاع مبعثه ... رجالهم والنساء استوضحوا خبره

من مدّ للناس من نعماه مائدة ... عمّت فليست على الأنعام مقتصره

أعراف نعماه ما حلّ الرّجاء بها ... إلا وأنفال ذاك الجود مبتدره

والطريف أنه يحكم وضع اسم السورة فى مديح البيت ويلتحم بمعناه التحاما رائعا على نحو ما نرى من ذكره فى هذه الأبيات لسور الفاتحة والبقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال. وآل عمران آل السيدة مريم كما جاء فى السورة، والأنعام اسم السورة وهى الإبل، والأعراف كذلك اسم السورة، وهى فى البيت جمع عرف بمعنى المعروف، والأنفال اسم السورة وهى العطايا. واطردت هذه الدقة فى استظهار أسماء السور الكريمة فى جميع أبيات القصيدة. ويهدى فى نهايتها أزكى صلواته للرسول وعترته وصحابته، وخصوصا عشرة منهم، ويسميهم، كما يهدى أزكى تحيتين للسيدتين الكريمتين خديجة وعائشة زوجتى الرسول صلى الله عليه وسلم ولابنته فاطمة الزهراء وابنيها الحسن والحسين، ويقول انه سيظل يهدى كل من سماهم مدائحه. وله قصيدة مطولة فى فضائل الصحابة العشرة وآل البيت، ولكل علم منهم فى أبياتها حظ مقسوم. ونشعر دائما عنده أنه يستمد من نبع فياض لا يتوقف ولا يتقطع، بل يتدفق تدفقا غزيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>