للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السّادس

النثر وكتّابه

١ -

الخطب والوصايا

طبيعى أن تكثر الخطب والوصايا مع الدولة الرستمية منذ تأسيسها سنة ١٦٠ هـ‍/٧٧٦ م إلى انتهاء مدة حكمها سنة ٢٩٦ هـ‍/٩٠٨ م إذ كانت دولة إباضية، وكان أئمتها لا يزالون يدعون رعيتهم فى محيطها بتاهرت وخارج محيطها إلى امتثال دعوتهم مع تقوى الله وخشيته والقيام بفروضه الدينية، وقد يطلبون إليهم فى بعض خطبهم طاعة من يولونهم عليهم من ولاتهم، كما يلقانا عند إمامهم عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم (١٧١ - ٢١١ هـ‍) حين ولّى على تاهرت فى غيبته عنها السمح بن أبى الخطاب نائبا عنه، فقد جمع زعماء تاهرت وأهلها وخطبهم قائلا (١):

«قد علمتم-معشر المسلمين-أن السمح وزيرى وأخص الناس بى وأحبهم إلىّ وأنصحهم لدولتى وأنى لا أصبر على فراقه، وقد آثرتكم على نفسى، تتميما لرغبتكم، وها أنا ذا قد وليته عليكم فأحسنوا الطاعة والانقياد لأمره ما سار فيكم سيرة المسلمين، ولم يحد عن جادّة العدل والإنصاف، ولم يرتكب ما يؤذن بسخط الرب أو بمخالفتنا».

وهذا المأثور من الخطبة ليس فيه تكلف لضروب السجع ولا لألوان البديع، وهو بلغة جزلة مقبولة كلغة الخطب فى الصدر الإسلامى الأول. وعلى شاكلة هذه الخطبة كانت الوصايا فى أيام هذه الدولة كوصية عبد الله اللواتى وزير أفلح بن عبد الوهاب (٢١١ - ٢٤٠ هـ‍) وهى تطرد على هذه الصورة (٢):

«إنّي موصيكم إخوانى ونفسى بتقوى الله العظيم فى السر والإعلان، وباتباع آثار أهل دعوة المسلمين، فإن الاتباع أولى من الابتداع وعليكم بالائتمار لما أمر الله به من طاعته، والانتهاء عما نهى عنه من معصيته، فاقتفوا آثار المسلمين فإن الله أوعد بالنار من خالفهم، كما أوعد بها من خالفه وخالف رسوله، إذ قال تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ}


(١) انظر المغرب العربى: تاريخه وثقافته للأستاذ رابح بونار ص ٥٥.
(٢) النشاط الثقافى فى ليبيا للدكتور أحمد مختار عمر ص ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>