للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقرى اختياراته من كتابه بقصيدة له تفتتح جميع أبياتها بصلاة الله على النبى الهادى العظيم على هذا النمط:

صلّى الإله على النبىّ الهادى ... ما لاذت الأرواح بالأجساد

صلّى عليه الله ما اسودّ الدّجى ... فكسا محيّا الأفق برد حداد

صلّى عليه الله ما انبلج السّنا ... فابيضّ وجه الأرض بعد سواد

ويظل يدعو الله أن يصلى على رسوله ما هطلت السحب بالغيث وتغنى الطير على الأغصان، إذ خصّه بالنور والإرشاد وختم النبوة كتابه الهادى. ولا تتضح عند ابن العريف فيما ساقه له المقرى من مديح نبوى فكرة الحقيقة المحمدية التى وجدت منذ الأزل ودارت حولها الأفلاك ودار الوجود، مما ردده بعض المتصوفة وبعض مداح الرسول فى المشرق، مما يؤكد ما قلناه من أن ابن العريف كان صوفيّا سنّيّا. ونلتقى بأبى الحسن بن لبّال وتشوقه (١) الحار إلى الروضة المقدسة الطاهرة لزيارة سيد ولد آدم، واشتهر صفوان بن إدريس بقصره (٢) أمداحه على آل البيت وإكثاره من تأبين الحسين، ولابن المناصف محمد بن عيسى المتوفى سنة ٦٢٠ أرجوزة (٣) فى مئات من الأبيات فى مديح الرسول. ونلتقى بمعاصره أبى زيد الفازازىّ وسنخصه بكلمة.

وحين اشتد الضعف بدولة الموحدين وأخذت المدن الأندلسية الكبيرة تسقط مدينة وراء مدينة فى حجر النصارى الإسبان الشماليين تكاثر المديح النبوى إذ اتخذه الشعراء الأندلسيون أداة للاستغاثة والاستنجاد بالرسول الكريم لإنقاذهم من محنتهم، وكانوا لا يكتفون بنظم الأشعار النبوية إذ كانوا يرفقونها برسائل إلى القبر النبوى الشريف واصفين ما يعانيه وطنهم من محن خطيرة، وسنلم بطرف من هذه الرسائل فى الفصل التالى مع الترجمة لابن الجنان المتوفى فى عشر الخمسين وستمائة، وقد أنشد له المقرى فى الجزء السابع من نفح الطيب طائفة رائعة من مدائحه النبوية، ويستهلها بمخمس (٤)، بديع جعل شطره الخامس: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً»} وفيه عرض عرضا رائعا سيرته المنيرة ومعجزاته الباهرة. وكان يعاصره إبراهيم (٥) بن سهل الإشبيلى، وكان يهوديّا


(١) المطرب ص ٩٠.
(٢) المغرب ٢/ ٢٦٠.
(٣) سماها الدرة السّنية فى المعالم السّنية. انظر التكملة ص ٣٢٥.
(٤) نفح الطيب ٧/ ٤٣٢.
(٥) انظر فى ابن سهل مصادره فى ص ٣٠٦ ومقدمة ديوانه لإحسان عباس طبع دار صادر ببيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>