للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أسلفنا، ونشأ يقرأ ويدرس مع الشباب الإشبيلى المسلم ويختلط به، وشرح الله صدره للإسلام فأعلن فى بواكير شبابه إسلامه، وكان شاعرا ماهرا، وله ديوان طبع مرارا، وبه قصيدة عينية تحمل تشوقا إلى يثرب والحجاز، وأنشد له المقرى منظومة (١) نبوية بديعة لعله استلهم فيها مخمس ابن الجنان إذ جعل شطرها الخامس الذى تدور عليه نفس شطر ابن الجنان السالف وقد ختمها بقوله:

يا شوقى الحامى إلى ذاك الحمى ... فمتى أقضّيه غراما مغرما

ومتى أعانقه صعيدا مكرما ... بضمير كل موحّد ملثوما

صلّوا عليه وسلموا تسليما

ولأبى الحسن الرّعينى الإشبيلى المتوفى سنة ٦٦٦ قصيدتان حجازيتان وأخريان ربّانيتان (٢). ولحازم القرطاجنى المترجم له بين أصحاب الشعر التعليمى مدحتان (٣) نبويتان بنى أولاهما على شطر له ثان من معلقة امرئ القيس وبنى الثانية بنفس النظام:

شطر له وشطر من لامية امرئ القيس: «ألا عم صباحا أيها الطلل البالى». ويلقانا فى كتاب الكتيبة الكامنة فى شعراء المائة الثامنة مدائح نبوية (٤) لغير شاعر مثل ابن الصائغ وأبى جعفر بن جزىّ، وله مدحة على غرار مدحة حازم القرطاجنى الثانية.

وكان قد أصبح تقليدا فى غرناطة أن يحتفل بالمولد النبوى احتفالا رسميا كل عام وأن تلقى فيه مدائح نبوية. وتسمى مولدية، وللسان الدين بن الخطيب طائفة من تلك المولديات، وهى مسجلة فى ديوانه والجزء الأول من أزهار الرياض والجزء الأخير من نفح الطيب، ودائما يبدؤها بالحنين إلى الحجاز، ثم يتغنّى بفضائل الرسول ومعجزاته الباهرة، وينهى المولدية غالبا بمديح السلطان الذى أقيم الاحتفال النبوى فى عهده، ومن تصويره لحنينه الملتاع إلى الاكتحال برؤية القبر الطاهر قوله:

إذا أنت شافهت الديار بطيبة ... وجئت بها القبر المقدّس والّلحدا

فنب عن بعيد الدار فى ذلك الحمى ... وأذر به دمعا وعفّر به خدّا


(١) النفح ٧/ ٤٤٥.
(٢) الذيل والتكملة للمراكشى القسم الأول من الجزء الخامس ص ٣٦٤.
(٣) أزهار الرياض ٣/ ١٧٨ وما بعدها.
(٤) راجع الكتيبة الكامنة ص ٨٨، ١٣٤، ١٣٩، ٢٥١، ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>