للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العزّ ما ضربت عليه قبابى ... والفضل ما اشتملت عليه ثيابى

والزهر ما أهداه غصن يراعتى ... والمسك ما أبداه نقش كتابى

فالمجد يمنع أن يزاحم موردى ... والعزم يأبى أن يسام جنابى

وإذا بلوت صنيعة جازيتها ... بجزيل شكرى أو جزيل ثوابى

وإذا عقدت مودّة أجريتها ... مجرى طعامى من دمى وشرابى

وهو يفخر فخرا مسرفا، فالعز ما ضربت عليه خيامه، والفضل ما اشتملت عليه ثيابه، والزهر كلماته مما كتبه قلمه، والمسك نقش كتابته، وبلغ من المجد أن لا يزاحمه أحد فى مورده كما بلغ من العزم أن لا يرعى جنابه، فحماه لا يسام ولا يضام، وإذا اختبر صنيعة أو معروفا بادر بالشكر وجزيل الثواب، وإذا عقد مع شخص مودة كانت غذاء لروحه وجرت مجرى الطعام من دمه وشرابه. ويفتخر ابن خميس شاعر تلمسان بعروبته ودينه الحنيف، منشدا:

إنا-بنى قحطان-لم نخلق لغ‍ ... ير غياث ملهوف ومنعة لاجى

بسيوفنا البيض اليمانية التى ... طبعت لحزّ غلاصم ووداج (١)

تأبى لنا الإحجام عن أعدائنا ... يوم اللقاء طهارة الأمشاج (٢)

أنصار دين الهاشمىّ وحزبه ... وحماته فى الجحفل الرّجراج (٣)

وحماته بنفوسهم ونفيسهم ... من غدر مغتال وسورة هاج (٤)

منا التبابعة الذين ببابهم ... كانت تنيخ جباة كلّ خراج (٥)

ولأمرهم كانت تدين ممالك ال‍ ... دّنيا بلا جبر ولا إحراج

أبوابهم مفتوحة لضيوفهم ... أبدا بلا قفل ولا مزلاج

وهو يفخر بأصوله من بنى قحطان اليمنيين الذين إنما خلقوا لغياث الملهوف وحماية اللاجئ لهم بسيوفهم اليمانية التى صيغت لقطع الرقاب، وإن أنسابهم لتأبى لهم الإحجام عن لقاء أعدائهم وسحقهم، ومعروف أن أنصار الرسول صلّى الله عليه وسلم من أهل المدينة كانوا يمنيين أو من أصول يمنية، وهو لذلك يفخر بنصرتهم للرسول وأنهم كانوا حماته حين تنشب الحروب حموه بنفوسهم وبكل ما يملكون من غدر مغتال ومن حدة هاج إذ كان منهم حسان بن ثابت وغيره من شعرائهم الذين كانوا يذودون عن الرسول وصحبه ضد شعراء قريش وأهاجيهم. ويفخر بأن منهم قديما التبابعة ملوك اليمن وأمراؤها فى الجاهلية الذين كان يجبى لهم الخراج من أنحاء دولتهم، وكانت ممالك الدنيا تدين لهم طوعا لا قسرا، وبلغوا من جودهم أن كانت


(١) طبعت: صيغت. الغلاصم جمع غلصمة: الحلق. الوداج: عرق فى العنق إذا قطع انتهت حياة المذبوح.
(٢) الأمشاج جمع مشج: النطفة.
(٣) الجحفل الرجراج: الجيش الذى لا يكاد يسير لكثرته
(٤) سورة: حدّة
(٥) تنيخ: تنزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>