للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يلقانا فى الجزائر من فخر قول شاعرها ابن أبى الرجال الشيبانى وزير المعز بن باديس مفتخرا بقومه (١):

يا آل شيبان لا غارت نجومكم ... ولا خبت ناركم من بعد توقيد

أنتم دعائم هذا الملك مذ ركضت ... قبل الخيول لإبرام وتوكيد

المنعمون إذا ما أزمة أزمت ... والواهبون عتيقات المزاويد (٢)

سيوفكم أفقدت كسرى مرازبه ... فى يوم ذى قار إذ جاءوا لموعود

وهو يفتخر بقومه من آل شيبان ويدعو أن تظل نجومهم مضيئة فى سماء العروبة وأن تظل نيرانهم متقدة لا تنطفئ أبدا، إذ هم دعائم الملك العربى منذ نشبت الحروب وصهلت فيها خيول الفرسان لفرض المعاهدات وعقد المواثيق، وقد اشتهروا بما ينعمون فى الأزمات ويهبون من العطايا الجزيلة، ويرفع أمام الأعين بطولتهم العظيمة يوم ذى قار الذى نكّلوا فيه بالفرس تنكيلا شديدا: منقبة عظيمة لقبيلته شيبان فى الجاهلية لا ينساها العرب ولا ينساها التاريخ. ونرى الحسن بن الفكون القسنطينى المتوفى بأوائل القرن السابع الهجرى يفتخر ببلدته «بجاية» ومسقط رأسه قائلا (٣):

دع العراق وبغدادا وشامهم ... فالناصريّة ما من مثلها بلد

برّ وبحر ومرج للعيون به ... مسارح بان عنها الهمّ والنكد

حيث الهوى والهواء الطلق مجتمع ... حيث الغنى والمنى والعيشة الرّغد

والنّهر كالصّلّ والجنّات مشرفة ... والنهر والبحر كالمرآة وهو يد

إن تنظر البرّ فالأزهار يانعة ... أو تنظر البحر فالأمواج تطّرد

يا طالبا وصفها إن كنت ذا نصف ... قل جنّة الخلد فيها الأهل والولد

وهو يفضل الناصرية أو بجاية على بغداد ودمشق، ويقول إنه ليس مثلها بلد جمعت بين البر والبحر ومشاهد مرج بأشجاره ونباتاته البديعة التى تزيل الهم والنكد حيث مجتمع الحب والهواء الطلق الذى يستروحه المحبون، وحيث الثراء والمنى والعيشة الطيبة، والنهر يجرى كصلّ أو أفعوان، والجنات تحفّه من كل جانب، وكأنما البحر مرآة والنهر يدها الثابتة. إن تنظر إلى البر راعتك أزهاره، وإن نظرت إلى البحر راعتك أمواجه المطردة، وهى-بإنصاف- جنة الخلد، وفيها الأهل وفلذات الكبد من الولد أو الأولاد. ويقول أحمد (٤) بن على المليانى المتوفى سنة ٧١٥ هـ‍/١٣١٦ م:


(١) المنتخبات لحسن حسنى عبد الوهاب ص ٧٦.
(٢) المزاويد جمع مزود: وعاء الزاد.
(٣) تعريف الخلف ٢/ ١٣٥.
(٤) تعريف الخلف ٢/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>